هناك تقنية طبية تسمى الرنين ( أو الصدى ) المغناطيسي المجهري ، وهي تظهر بوضوح أسرار تكون الأجنة خلال مرحلة النمو . يتطور العلم بشكل مذهل ، فقد أقرّ بعض الباحثين علناً أنهم أنتجوا في المختبر أجنة بشرية بهدف تفكيكها لاستخراج الخلايا البكر منها ، وأستخدامها في الأبحاث للتوصل إلى علاجات طبية .
ومن ناحية أخرى ، قام طبيب في نيويورك بزرع أول عملية مبيض لامرأة عمرها 30 عاماً واسمها مارغريت هارت ، حيث كانت النسج محفوظة بالآزوت السائل ومجمدة ، هذا بعد أن تم استئصال مبيضها بسبب حالة طبية خاصة ، وقد أعيد عمل النسيج بعد أن تم حفظها مدة طويلة وزرعت من جديد في الفتاة . وتجري حالياً عمليات تحريض للمبيض المزروع من أجل إستعادته للدورة الشهرية ، مما سيؤثر بالطبع على عودة
الإباضة والإخصاب .
وسبق ذلك بلوغ العلم ثورة بيولوجية متقدمة ، حيث أصبح بإمكان الباحثين رؤية المشاهد الداخلية الدقيقة للجنين باستعمال تقنية الرنين المغناطيسي المجهري ( MRM ) وهذه الصور الثلاثية الأبعاد هي في آن دالة وضرورية ، ويستعمل في التقاطها الكمبيوتر الذي يمكن الخبير الطبي من متابعة كل أنظمة ومراحل الجسم البشري المبكرة وحتى استحداث تفاصيل جينية في نمو الجنين ، وهذا ما كان مستحيلاً حتى اليوم .
وطالما كانت تلك المعلومات التي توافرت أخيراً مطلوبة بإلحاح من البيولوجيين في سعيهم الحثيث لاستيعاب وفهم مراحل النمو العادية الدقيقة في الموضوع تأتي من دراسة قياسات وأبعاد شرائح الأجنة من الحيوانات المنوية العادية والحيوانات الجينية . ويحرص العلماء على ربط المعلومات المتوافرة من نماذج الحيوانات التي تجري عليها الاختبارات ، والمراحل المتطابقة في تطور الإنسان المبكر بغية التشخيص الصحيح والمعالجة الدقيقة .
وفي العام 1966 ، تعاقد المركز المجهري الطبي في المؤسسة الوطنية لصحة الطفل والإنسان بغية تصنيف المعلومات الأساسية لتكوين الأجنة وتطويرها طبقا ً لما جاء فى المجلة العلمية الخاصة بالمركز والتى تنشر على مستوى العالم ، واعتمد في ذلك على مجموعة علمية تسمى " C ARNEGIE " وهي موجودة في المتحف الوطني للصحة ومؤسسة القوات المسلحة لعلم خصائص الأمراض في واشنطن . وهي تضم أجنة بشرية محفوظة ومتوافرة في كل مراحل نمو الجنين غير كامل التكوين ، ابتداءً من اليوم الأول بعد الحمل حتى الأسابيع الثمانية التي تليه ووصولاً إلى المراحل المتقدمة منه .
وأصغر عينة من المجموعة هي بطول 0,2 ملليمتر بينما تصل أكبر واحدة إلى 30 ملليمتراً ، أي بحجم حبة اللوزة تقريباً. وتتكون مجموعة " Carnegie " من أجنة جمعت نتيجة الحمل الخاطىء والاجهاض وتضم ما بين 1887 و 1917 عينة ، كما تضم أجنة جمعت من تشريح جثث لنساء حوامل .
وتضم المجموعة 23 مرحلة من الأجنة غير كاملة التكوين ، ووضع كل " برعم " في قارورة تشبه القنينة موصولة مغناطيسياً ، وهذا المشهد رائع وليس له مثيل على صعيد إفادته في الأبحاث . وتشبه تقنية الرنين المغناطيسي المجهرية MRM تقنية الرنين المغناطيسي الصورية MRI التي تجريها بعض المستشفيات ، فتستعمل في كلاهما ترددات طاقة الراديو من أجل تحريك واستفزاز نواة كهربائية إيجابية " Proton " في المياه التي تحيط بالأنسجة ، ولكن التقنية MRM تبين التفاصيل أكثر دقة وإفادة إلى التشخيص الطبي الصحيح .
ومن ناحية أخرى ، تنتج تقنية MRI الصورالصوتية التي
لا تزيد عن واحدة ملليمتر مكعب ، في حين أن تقنية MRM تسجل الأصوات التي هي أقل مليون مرة من تلك التي تقوم بها تقنية الرنين المغناطيسي الصوتية ، وهي قادرة على تحقيق هذا المستوى من التصميم العالي باستعمالها قوة مغناطيسية أكبر تبرز اللفافات الصوتية والنماذج الصغيرة .
لا تضرّ تقنية MRM بالأجنة أبداً ، ونذكر أن بعض الباحثين التقليديين يعمدون في سعيهم إلى تبيان تلك الأجنة بوضوح بواسطة مكبر الصورة التقليدي " الميكروسكوب " إلى تشريح النماذج الطبية إلى مئات الأقسام السميكة المتقاطعة ، في حين أنه باستعمال تقنية الرنين المغناطيسي المجهري MRM يستطيع الباحثون تبيان ذلك بشكل أوضح وضمان عدم إحداث أي تشوه . ويعتمد الباحثون على الكمبيوتر في إظهار وعرض نتائج اختباراتهم ، ويتيح نظام " السوفت وير " بالدوران حول محور الرحم والعبور إلى الطبقات العميقة وتلوينها ، وحتى بعبور إشعاعات الضوء المؤثرة والفعالة في عمق الرحم من الأمام وهذه الإشعاعات تتكيف مع الأصوات التي تحيطها . وتتوالى التقنيات العلمية بشكل مذهل ، ويوماً بعد يوم تكبر مساحة الأبحاث حول العالم بهدف جمع معلومات إضافية تتيح مراقبة تكون الجنين في كل مراحله .