سكرات الموت وشدته.....

بسم الله الرحمن الرحيم
نظرا لأهمية لحظة الموت في المراحل الانتقاليه للإنسان من حال إلى حال, فقد أولاها القرآن عناية ملموسة في كثير من آياته0 وقد جاءت أربع آيات بينات تصف لحظة الموت, حيث قال تعالى: )) فلولا إذا بلغت الحلقوم )) ( الواقعة:3

وقال: (( كلا إذا بلغت التراقي)) ( القيامة:26)

وقال ):ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم)( الأنعام:93)

وقال سبحانه: ( وجاءت سكرة الموت بالحق) (ق:19)وقد جاءت الأحاديث النبوية كذلك موضحة للحظة الموت وسكراته ومدى شدته, حيث قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (( معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف وما من مؤمن يموت[center] إلا وكل عرق منه يألم على حدة))

(رواه البخاري في صحيحه في كتاب باب مرض النبي- صلى الله عليه وسلم- ووفاته83)



وقالت عائشة أيضا: (( إن رسول الله كان بين يديه ركوة أو علبه فيها ماء, فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: (( لا إله إلا الله إن للموت سكرات))00

ثم نصب يده فجعل يقول: (( في الرفيق الأعللا) حتى قبض ومالت يده))

(رواه البخاري أضا في صحيحه في كتاب الرقاق باب سكرات الموت42)



فأنظر أخي المؤمن كيف كانت سكرات الموت شديدة على الحبيب المصطفى النبي المرسل, فكيف بالإنسان العادي؟



وما جرى عن النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- من شدائد الموت وسكراته, وأيضا على غيره من الأنبياء والمرسلين, فيه فائدة عظيمة, هي أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت, وأنه باطن, وقد يطلع البعض المحتضر فلا يرى عليه حركة, ولا قلقا, ويرى سهولة خروج روحه, فيغلب على ظنه سهولة أمر الموت, فلا يعرف حقيقة الموقف الذي فيه الميت0 فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم: شدة ألمه- مع كرامتهم على الله وتهوينه على بعضهم, قطع الخلق بشدة الموت الذي يعانيه ويقاسيه الميت مطلقا لإخبار الصادقين عنه, عدا الشهيد قتيل الكفار كما سأوضحه فيما بعد0



وربما يتساءل البعض: كيف إن الأنبياء وهم أحباب الله, يقاسون هذه الشدائد و السكرات, مع أن الله قادر على أن يخفف عنهم؟



والجواب: إن اشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل- كما جاء في الحديث الصحيح: (( فأراد الله أن يبتليهم تكميلا لفضائلهم لديه, ورفعه لدرجاتهم عنده وليس ذلك في حقهم نقصا ولاعذابا0 بل هو كمال ورفعة, مع رضاهم بجميل ما يجري الله عليهم, فأراد الله سبحانه وتعالى أن يختم لهم بهذه الشدائد مع إمكان التخفيف والتهوين عليهم, ليرفع منازلهم, ويعظم أجورهم قبل موتهم))



فقد ابتلى الله إبراهيم بالنار, وموسى بالخوف, والأسفار, وعيسى بالصحار, والقفار, ومحمد بالفقر في الدنيا ومقاتلة الكفار, كل ذلك لرفعة أحوالهم, وكمال في درجاتهم, و لا يفهم من هذا أن الله شدد عليهم أكثر مما شدد على العصاة المخالفين فان ذلك عقوبة لهم, ومؤاخذه على إجرامهم فلا وجه للشبه بين هذا وذلك0

وكل المخلوقات يحدث لها هند الموت هذه السكرات, لا فرق بين علوي وأرضى, ولاجسماني ولاروحاني00 فالجميع يشرب من ذلك الكأس جرعته, ويغتص منه غصته

قال سبحانه: ( كل نفس ذائقة الموت)( آل عمران: 185)[/center