شبكه الغريب الاسلاميه
موسوعة السيرة النبوية Welcom10
موسوعة السيرة النبوية Get-8-2009-2eb0pnoa

شبكه الغريب الاسلاميه
موسوعة السيرة النبوية Welcom10
موسوعة السيرة النبوية Get-8-2009-2eb0pnoa

شبكه الغريب الاسلاميه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكه الغريب الاسلاميه طريقك الى الجنه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

اهلا وسهلا بكل اعضاء المنتدى الكرام - نتمنى قضاء وقت ممتع معنا  


 

 موسوعة السيرة النبوية

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:28 am

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق وخاتم المرسلين
وعلى اله وصحبه اجمعين

اتناول في هذ الموضوع السيره العطره لرسول الله صلى الله عليه وسلم
اتمنى من الله ان يوفقني في هذ العمل
مع تحياتي للجميع


أحوال العرب قبل الإسلام

كان العرب في شبه الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم يعبدون الأصنام من دون الله ، و يقدمون لها القرابين ، و يسجدون لها ، و يتوسلون بها ، وهي احجار لا تضر ولا تنفع ، و كان حول الكعبة ثلاثمائة و ستون صنما .

ومن عجيب امرهم أن أحدهم كان يشتري العجوة ، و يصنع منها صنما، ثم يعبده و يسجد له ، و يسأله أن يحجب عنه الشر و يجلب له الخير، فإذا شعر بالجوع أكل إلهه !! ثم يأخذ كأسا من الخمر ، يشربها حتى يفقد وعيه ، وفي ذلك الزمان كانت تحدث أشياء غريبة و عجيبه ، فالناس يطوفون عرايا حول الكعبة ، و قد تجردوا من ملابسهم بلا حياء ، يصفقون و يصفرون و يصيحون بلا نظام ، وقد وصف الله -عز وجل- صلاتهم فقال: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} [الأنفال:35].

وكانت الحروب تقوم بينهم لأتفه الأسباب، وتستمر مشتعلة أعواما طويلة فهذان رجلان يقتتلان ، فيجتمع الناس حولهما، وتناصر كل قبيلة صاحبها، لم يسألوا عن الظالم ولا عن المظلوم، وتقوم الحرب في لمح البصر، ولا تنتهي حتى يموت الرجال، وانتشرت بينهم العادات السيئة مثل: شرب الخمر، وقطع الطرق والزنا.

وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي في اعتقادهم عار كبير عليهم أن يتخلصوا منها، فكان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى؛ حزن حزنًا شديدًا. قال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} _[النحل: 58-59] وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية، وهي العادة التي عرفت عندهم بوأد البنات.

فهذا رجل يحمل طفلته ويسير بها إلى الصحراء فوق الرمال المحرقة، ويحفر حفرة ثم يضع ابنته فيها وهي حية، ولا تستطيع الطفلة البريئة أن تدافع عن نفسها؛ بل تناديه: أبتاه .. أبتاه .. فلا يرحم براءتها ولا ضعفها، ولا يستجيب لندائها.. بل يهيل عليها الرمال، ثم يمشي رافعا رأسه كأنه لم يفعل شيئا!! قال تعالى: {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} [التكوير: 7-8] وليس هذا الأمر عاما بين العرب، فقد كانت بعض القبائل تمنع وأد البنات.

وكان الظلم ينتشر في المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغني لا يعطف على الفقير، بل يسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد فقرا، ويزداد الغني ثراء، وكانت القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، وهم لا يخضعون لقانون منظم، ومع كل هذا الجهل والظلام في ذلك العصر المسمى بالعصر الجاهلي، كانت هناك بعض الصفات الطيبة والنبيلة؛ كإكرام الضيف، فإذا جاء ضيف على أحدهم بذل له كل ما عنده، ولم يبخل عليه بشىء، فها هو ذا حاتم الطائي لم يجد ما يطعم به ضيوفه؛ فذبح
فرسه -وقد كانوا يأكلون لحم الخيل- وأطعمهم قبل أن يأكل هو.

وكانوا ينصرون المستغيث فإذا نادى إنسان، وقال: إني مظلوم اجتمعوا حوله وردوا إليه حقه، وقد حدث ذات مرة أن جاء رجل يستغيث، وينادي بأعلى صوته في زعماء قريش أن ينصروه على العاص بن وائل الذي اشترى منه بضاعته، ورفض أن يعطيه ثمنها؛ فتجمع زعماء قريش في دار عبدالله بن جدعان وتحالفوا على أن ينصروا المظلوم، ويأخذوا حقه من الظالم، وسموا ذلك الاتفاق حلف الفضول، وذهبوا إلى العاص بن وائل، وأخذوا منه ثمن البضاعة، وأعطوه لصاحبه.

وفي هذا المجتمع ولد محمد صلى الله عليه وسلم من أسرة كريمة المعدن، نبيلة النسب، جمعت ما في العرب من فضائل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسلم].



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:29 am

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي يصل نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام..

جده هاشم وحكاية الثريد:

كان عمرو بن عبد مناف الجد الأكبر للرسول صلى الله عليه وسلم رجلا كريما فقد حدث في عصره أن نزل القحط بالناس ، فلم يجدوا ما ياكلون ، و كادوا يموتون جوعا ، و بدأ كل إنسان يفكر في نجاة نفسه فقط ، فالذي عنده طعام يحرص عليه و يحجبه عن الناس ، فذهب عمرو إلى بيته و أخرج ما عنده من الطعام ، وأخذ يهشم الثريد (أي: يكسر الخبز في المرق) لقومه ويطعمهم، فسموه ( هاشما )؛ لأنه كريم يهشم ثريده للناس جميعا.

و عندما ضاق الرزق في مكة أراد هاشم أن يخفف عن أهلها ، فسافر إلى الشام صيفا ، و إلى اليمن شتاء ؛ من أجل التجارة ، فكان أول من علم الناس هاتين الرحلتين ، وفي إحدى الرحلات ، و بينما هاشم في طريقه للشام مر بيثرب ، فتزوج سلمى بنت عمرو إحدى نساء بني النجار ، و تركها وهي حامل بابنه عبد المطلب لتلد بين أهلها الذين اشترطوا عليه ذلك عند زواجه منها.

جده عبدالمطلب و حكاية الكنز:

كان عبد المطلب بن هاشم جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يسقي الحجيج الذين يأتون للطواف حول الكعبة ، و يقوم على رعاية بيت الله الحرام فالتف الناس حوله ، فكان زعيمهم و اشرفهم ، و كان عبدالمطلب يتمنى لو عرف مكان بئر زمزم ليحفرها ؛ لانها كانت قد ردمت بمرور السنين ، ولم يعد أحد يعرف مكانها ، فرأى في منامه ذات ليلة مكان بئر زمزم ، فأخبر قومه بذلك و لكنهم لم يصدقوه ، فبدأ عبدالمطلب في حفر البئر هو و ابنه الحارث ، و الناس يسخرون منهما ، و بينما هما يحفران ، تفجر الماء من تحت اقدامهما ، و التف الناس حول البئر مسرورين ، و ظن عبدالمطلب انهم سيشكرونه ، لكنه فوجئ بهم ينازعونه امتلاك البئر ، فشعر بالظلم و الضعف لأنه ليس له أبناء إلا الحارث ، و هو لا يستطيع نصرته ، فإذا به يرفع يديه إلى السماء ، و يدعو الله أن يرزقه عشرة أبناء من الذكور ، و نذر أن يذبح أحدهم تقربا لله.

حكاية الأبناء العشرة :

استجاب الله دعوة عبد المطلب ، فرزقه عشرة اولاد ، و شعر عبدالمطلب بالفرحة فقد تحقق رجاؤه ، و رزق بأولاد سيكونون له سندا و عونا ، لكن فرحته لم تستمر طويلا ؛ فقد تذكر النذر الذي قطعه على نفسه ، فعليه أن يذبح واحدا من أولاده ، فكر عبدالمطلب طويلا ، ثم ترك الاختيار لله تعالى ، فأجرى قرعة بين أولاده ، فخرجت القرعة على عبدالله اصغر اولاده و احبهم الى قلبه ، فاصبح
عبد المطلب في حيرة ؛ ايذبح ولده الحبيب ام يعصى الله ولا يفي بنذره ؟
فاستشار قومه ، فاشاروا عليه بأن يعيد القرعة ، فاعادها مرارا ، لكن القدر كان يختار عبدالله في كل مرة ، فازداد قلق عبدالمطلب ، فاشارت عليه كاهنة بان يفتدي ولده بالابل ، فيجري القرعة بين عبدالله و عشرة من الابل ، و يظل يضاعف عددها ، حتى تستقر القرعة على الابل بدلا من ولده ، فعمل عبدالمطلب بنصيحة الكاهنة ، و استمر في مضاعفة عدد الإبل حتى بلغت مائة بعير ، و عندئذ وقعت القرعة عليها ، فذبحها فداء لعبدالله ، و فرحت مكة كلها بنجاة عبد الله ، و ذبح له والده مائة ناقة فداء له ، و ازداد عبد المطلب حبا لولده ، و غمره بعطفه
ورعايته .

أبوه عبدالله وزواجه المبارك من السيدة آمنة :

كان عبد الله أكرم شباب قريش أخلاقا ، و أجملهم منظرا، وأراد والده عبد المطلب أن يزوجه، فاختار له زوجة صالحة، هي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أطهر نساء بني زهرة، وسيدة نسائهم، والسيدة آمنة تلتقي في نسبها مع عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، وتمر الأيام، ويخرج عبدالله في تجارة إلى الشام، بعد أن ترك زوجته آمنة حاملا ولحكمة يعلمها الله، مات عبد الله قبل أن يرى وليده.

حكاية الفيل:

وذات يوم، استيقظ أهل مكة على خبر أصابهم بالفزع والرعب، فقد جاء ملك اليمن أبرهة الأشرم الحبشي بجيش كبير، يتقدمه فيل ضخم، يريد هدم الكعبة حتى يتحول الحجيج إلى كنيسته التي بناها في اليمن، وأنفق عليها أموالا كثيرة، واقترب الجيش من بيت الله الحرام، وظهر الخوف والهلع على وجوه أهل مكة، والتف الناس حول عبدالمطلب الذي قال لأبرهة بلسان الواثق من نصر الله تعالى: (للبيت رب يحميه).

فازداد أبرهة عنادًا، وأصرَّ على هدم الكعبة، فوجه الفيل الضخم نحوها، فلما اقترب منها أدار الفيل ظهره ولم يتحرك،، وأرسل الله طيورًا من السماء تحمل حجارة صغيرة، لكنها شديدة صلبة، ألقت بها فوق رءوس جنود أبرهة فقتلتهم وأهلكتهم. قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم في تضليل . وأرسل عليهم طيرًا أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول} [الفيل] وفي هذا العام ولد الرسول صلى الله عليه وسلم.


يتبع


عدل سابقا من قبل قمر في الجمعة أكتوبر 03, 2008 5:43 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:33 am

ميلاد الرسول و طفولته

في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول الذي يوافق عام (175م) ولدت السيدة آمنة بنت وهب زوجة عبد الله بن عبد المطلب غلاما جميلا ، مشرق الوجه ، و خرجت ثويبة الاسلمية خادمة ابي لهب - عم النبي صلى الله عليه و سلم - تهرول الى سيدها أبي لهب ، و وجهها ينطق بالسعادة ، و ما كادت تصل اليه حتى همست له بالبشرى ، فتهلل وجهه ، و قال لها من فرط سروره:
اذهبي فأنت حرة ! و اسرع عبد المطلب إلى بيت ابنه عبد الله ثم خرج حاملا الوليد الجديد ، و دخل به الكعبة مسرورا كانه يحمل على يديه كل نعيم الدنيا ، و أخذ يضمه إلى صدره و يقبله في حنان بالغ ، و يشكر الله و يدعوه ، و الهمه الله أن يطلق على حفيده اسم محمد.

حكاية مرضعة الرسول صلى الله عليه و سلم:

جاءت المرضعات من قبيلة بني سعد إلى مكة؛ ليأخذن الأطفال الرضع إلى البادية حتى ينشئوا هناك أقوياء فصحاء، قادرين على مواجهة أعباء الحياة، وكانت كل مرضعة تبحث عن رضيع من أسرة غنية ووالده حي؛ ليعطيها مالا كثيرا ، لذلك رفضت كل المرضعات أن يأخذن محمدًا صلى الله عليه وسلم لأنه يتيم ، وأخذته السيدة حليمة السعدية لأنها لم تجد رضيعا غيره، و عاش محمد صلى الله عليه وسلم في قبيلة بني سعد ، فكان خيرا و بركة على حليمة وأهلها، حيث اخضرت أرضهم بعد الجدب و الجفاف ، و جرى اللبن في ضروع الإبل.

حكاية شق الصدر:

وفي بادية بني سعد وقعت حادثة غريبة، فقد خرج محمد صلى الله عليه وسلم ذات يوم ليلعب مع أخيه من الرضاعة ابن حليمة السعدية، وفي أثناء لعبهما ظهر رجلان فجأة، واتجها نحو محمد صلى الله عليه وسلم فأمسكاه، وأضجعاه على الأرض ثم شقا صدره، وكان أخوه من الرضاعة يشاهد عن قرب ما يحدث له، فأسرع نحو أمه وهو يصرخ، ويحكى لها ما حدث.

فأسرعت حليمة السعدية وهي مذعورة إلى حيث يوجد الغلام القرشي فهو أمانة عندها، وتخشى عليه أن يصاب بسوء ، لكنها على عكس ما تصورت ، وجدته واقفا وحده، قد تأثر بما حدث، فاصفر لونه، فضمته في حنان إلى
صدرها، وعادت به إلى البيت، فسألته حليمة: ماذا حدث لك يا محمد؟ فأخذ يقص عليها ما حدث، لقد كان هذان الرجلان ملكين من السماء أرسلهما الله تعالى؛ ليطهرا قلبه ويغسلاه، حتى يتهيأ للرسالة العظيمة التي سيكلفه الله بها.

خافت حليمة على محمد، فحملته إلى أمه في مكة، وأخبرتها بما حدث لابنها، فقالت لها السيدة آمنة في ثقة: اتخوفت عليه الشيطان ؟ فأجابتها حليمة: نعم، فقالت السيدة آمنة: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل ، وإن لابني لشأنًا؛ لقد رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور، أضاء لي به قصور الشام، وكان حمله يسيرا ، فرجعت به حليمة إلى قومها بعد أن زال الخوف من قلبها ، و ظل عندها حتى بلغ عمره خمس سنوات، ثم عاد إلى أمه في مكة.

رحلة محمد صلى الله عليه وسلم مع أمه إلى يثرب:

وذات يوم، خرجت السيدة آمنة ومعها طفلها محمد وخادمتها أم أيمن من مكة متوجهة إلى يثرب؛ لزيارة قبر زوجها عبد الله، وفاء له، وليعرف ولدها قبر أبيه، ويزور أخوال جده من بني النجار، وكان الجو شديد الحر، وتحملت أعباء هذه الرحلة الطويلة الشاقة، وظلت السيدة آمنة شهرا في المدينة ، و اثناء عودتها مرضت وماتت وهي في الطريق، في مكان يسمى الأبواء، فدفنت فيه، وعادت أم أيمن إلى مكة بالطفل محمد يتيما وحيدا ، فعاش مع جده عبدالمطلب ، وكان عمر محمد آنذاك ست سنوات.

محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب:

بعد وفاة السيدة آمنة عاش محمد صلى الله عليه وسلم في ظل كفالة جده عبدالمطلب الذي امتلأ قلبه بحب محمد، فكان يؤثر أن يصحبه في مجالسه
العامة، ويجلسه على فراشه بجوار الكعبة، ولكن عبدالمطلب فارق الحياة ومحمد في الثامنة من عمره.

محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب:

وتكفَّل به بعد وفاة جده عمه أبو طالب، فقام بتربيته ورعايته هو وزوجته فاطمة بنت أسد، وأخذه مع أبنائه، رغم أنه لم يكن أكثر أعمام النبي صلى الله عليه وسلم مالا، لكنه كان أكثرهم نبلا وشرفًا، فزاد عطفه على محمد صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان لا يجلس في مجلس إلا وهو معه، ويناديه بابنه من شدة حبه له.

رحلة إلى الشام:

خرج محمد صلى الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب في رحلة إلى الشام مع القوافل التجارية وعمره اثنا عشر عامًا، وتحركت القافلة، ومضت في
طريقها؛ حتى وصلت إلى بلدة اسمها ( بصرى ) و أثناء سيرها مرت بكوخ يسكنه راهب اسمه ( بحيرى ) فلما رأى القافلة خرج اليها ، و دقق النظر في وجه محمد صلى الله عليه وسلم طويلا ، ثم قال لأبي طالب : ما قرابة هذا الغلام منك ؟ فقال ابوطالب : هو ابني - و كان يدعوه بابنه حبا له - قال بحيرى : ما هو بابنك ، و ما ينبغي ان يكون هذا الغلام أبوه حيا ، قال أبو طالب : هو ابن أخي ، فسأله بحيرى: فما فعل أبوه ؟ قال أبو طالب: مات و أمه حبلى به؟ فقال له بحيرى: صدقت ! فارجع به إلى بلده و احذر عليه اليهود !! فوالله لئن رأوه هنا ليوقعون به شرا ، فإنه سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم ، فأسرع أبو طالب بالعودة إلى مكة و في صحبته ابن أخيه محمد.



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:46 am

محمد في شبابه

كان الشباب في مكة يلهون و يعبثون ، أما محمد صلى الله عليه و سلم فكان يعمل ولا يتكاسل ؛ يرعى الأغنام طوال النهار، و يتأمل الكون و يفكر في خلق الله ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم - بعد أن أوتي النبوة - ذلك العمل ، فقال : ( ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم ) فقال أصحابه : و أنت ؟ قال : ( نعم ، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة ) [البخاري] و كان الله - سبحانه - يحرسه و يرعاه على الدوام ؛ فذات يوم فكر أن يلهو كما يلهو الشباب ، فطلب من صاحب له ان يحرس اغنامه ، حتى ينزل مكة ويشارك الشباب في لهوهم ، وعندما وصل إليها وجد حفل زواج ، فوقف عنده ، فسلط الله عليه النوم ، ولم يستيقظ إلا في صباح اليوم التالي .

و عندما كانت قريش تجدد بناء الكعبة ، كان محمد صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه : اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وجعل ينظر بعينيه إلى
السماء، ويقول: إزاري.. إزاري، فشد عليه، فما رؤى بعد ذلك عريانا.

التاجر الأمين:

وحين جاوز النبي صلى الله عليه وسلم العشرين من عمره أُتيحت له فرصة السفر مع قافلة التجارة إلى الشام، ففي مكة كان الناس يستعدون لرحلة الصيف التجارية إلى الشام، وكل منهم يعد راحلته وبضاعته وأمواله، وكانت السيدة خديجة بنت خويلد - وهي من أشرف نساء قريش ، و أكرمهن أخلاقا ، و أكثرهن مالا- تبحث عن رجل أمين يتاجر لها في مالها ويخرج به مع القوم ، فسمعت عن محمد و أخلاقه العظيمة ، و مكانته عند أهل مكة جميعا ، و احترامهم له ؛ لأنه صادق أمين ، فاتفقت معه أن يتاجر لها مقابل مبلغ من المال ، فوافق محمد صلى الله عليه وسلم و خرج مع غلام لها اسمه ميسرة إلى الشام .

تحركت القافلة في طريقها إلى الشام، وبعد أن قطع القوم المسافات الطويلة نزلوا ليستريحوا بعض الوقت، وجلس محمد صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، وعلى مقربة منه صومعة راهب، وما إن رأى الراهب محمدا صلى الله عليه وسلم حتى أخذ ينظر إليه ويطيل النظر، ثم سأل ميسرة: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش من
أهل الحرم ، فقال الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة الا نبي ، و باعت القافلة كل تجارتها ، و اشترت ما تريد من البضائع، وكان ميسرة ينظر إلى محمد ويتعجب من سماحته وأخلاقه والربح الكبير الذي حققه في مال السيدة خديجة.

وفي طريق العودة حدث أمر عجيب، فقد كانت هناك غمامة في السماء تظل محمدا و تقيه الحر ، وكان ميسرة ينظر إلى ذلك المشهد ، و قد بدت على وجهه علامات الدهشة والتعجب، و اخيرا وصلت القافلة إلى مكة فخرج الناس لاستقبالها مشتاقين ؛ كل منهم يريد الاطمئنان على امواله ، وما تحقق له من ربح ، و حكى ميسرة لسيدته خديجة ما رأى من أمر محمد، فقد أخبرها بما قاله الراهب، وبالغمامة التي كانت تظل محمدا في الطريق ؛ لتقيه من الحر دون سائر أفراد القافلة .

زواج محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة :

استمعت السيدة خديجة إلى ميسرة في دهشة، وقد تأكدت من أمانة محمد صلى الله عليه وسلم و حسن اخلاقه ، فتمنت أن تتزوجه ، فأرسلت السيدة خديجة صديقتها نفيسة بنت منبه؛ لتعرض على محمد الزواج، فوافق محمد صلى الله عليه و سلم على هذا الزواج، وكلم أعمامه، الذين رحبوا ووافقوا على هذا الزواج، وساروا إلى السيدة خديجة يريدون خطبتها ؛ فلما انتهوا إلى دار خويلد قام أبو طالب عم النبي وكفيله يخطُب خُطبة العرس، فقال: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل ، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا ، و جعلنا أمناء بيته ، وسواس حرمه ، و جعلنا الحكام على الناس ، ثم ان ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفا و نبلا و فضلا ، وإن كان في المال قلا، فإن المال ظل زائل ، وقد خطب خديجة بنت خويلد و بذل لها من الصداق ما عاجله و آجله من مالي كذا وكذا، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل) و تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وعاشا معا حياة طيبة موفقة، ورزقهما الله تعالى البنين والبنات، فأنجبت له ستة اولاد هم : زينب ، ورقية ، و أم كلثوم ، و فاطمة ، و عبدالله ، و القاسم ، و به يكنى الرسول فيقال: أبو القاسم.

بناء الكعبة وقصة الحجر الأسود:

اجتمعت قريش لإعادة بناء الكعبة، وأثناء البناء اختلفوا فيمن ينال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، واشتد الخلاف بينهم، وكاد أن يتحول إلى حرب بين قبائل قريش، ولكنهم تداركوا أمرهم، وارتضوا أن يُحكِّموا أول داخل عليهم وانتظر القوم، وكل واحد يسأل نفسه: ترى من سيأتي الآن؟ ولمن سيحكم؟ وفجأة تهللت وجوههم بالفرحة والسرور عندما رأوا محمدًا يقبل عليهم، فكل واحدٍ منهم يحبه ويثق في عدله وأمانته ورجاحة عقله وسداد رأيه، فهتفوا: هذا الأمين قد رضيناه حَكَما، وعرضوا عليه الأمر وطلبوا منه أن يحكم بينهم، فخلع الرسول صلى الله عليه وسلم رداءه ووضع الحجر عليه، ثم أمر رؤساء القبائل فرفعوا الثوب حتى أوصلوا الحجر إلى مكانه من الكعبة ، عندئذ حمله الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ووضعه مكانه، وهكذا كفاهم الله
شر القتال.


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:47 am

الوحي

كان محمد صلى الله عليه وسلم يكثر من الذهاب الى غار حراء ، فيجلس وحده فيه أياما بلياليها ؛ يفكر في خالق هذا الكون بعيدا عن الناس و ما يفعلونه من آثام ، و لقد كان يمشي تلك المسافة الطويلة و يصعد ذلك الجبل العالي ، ثم يعود الى مكة ليتزود بالطعام و يرجع إلى ذلك الغار ، و ظل مدة لا يرى رؤيا الا و تحققت كما رآها ، و بدأت تحدث له اشياء عجيبة لا تحدث لأي إنسان آخر، فقد كان في مكة حجر يسلم عليه كلما مر به ، قال صلى الله عليه وسلم : (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن ابعث، إني لأعرفه الآن) [مسلم].

و كان النبي صلى الله عليه و سلم يجلس ذات يوم في الغار ، و اذا بجبريل - عليه السلام - ينزل عليه في صورة رجل و يقول له: اقرأ. وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، فخاف و ارتعد ، و قال للرجل : ما أنا بقارئ . و إذا بجبريل -عليه السلام- يضم النبي صلى الله عليه وسلم إليه بشدة ، ثم يتركه ويقول له: اقرأ. فقال محمد: ما أنا بقارئ. وتكرر ذلك مرة ثالثة، فقال جبريل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم} _[العلق:1-3]. فكانت هذه أولى آيات القرآن التي نزلت في شهر رمضان على رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو في السنة الأربعين من عمره .

رجع محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيته مسرعا ، ثم رقد وهو يرتعش ، وطلب من زوجته أن تغطيه قائلا: (زملونى، زملونى) وحكى لها ما رآه في الغار، فطمأنته السيدة خديجة، وقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل (الضعيف) و تكسب المعدوم ، و تقري (تكرم) الضيف ، و تعين على نوائب الحق ، فلما استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى كلام السيدة خديجة، عادت إليه الطمأنينة، وزال عنه الخوف والرعب، وبدأ يفكر فيما حدث.

حكاية ورقة بن نوفل :

و كان للسيدة خديجة ابن عم ، اسمه ( ورقة بن نوفل ) على علم بالديانة المسيحية فذهبت اليه و معها زوجها ؛ ليسألاه عما حدث ، فقالت خديجة لورقة : يابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بالذي حدث في غار حراء، فلما سمعه ورقة قال : هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى ، ثم اخبره ( ورقة ) أنه يتمنى أن يعيش حتى ينصره ، و يكون معه عندما يحاربه قومه، و يخرجونه من مكة ، فلما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك تعجب و سأل ورقة قائلا: أو مخرجي هم ؟ فقال له: نعم، لم يأتِ أحد بمثل ما جئت به إلا عودي ، ومنذ ذلك اليوم والرسول صلى الله عليه وسلم يزداد شوقا لوحي السماء الذي تأخر نزوله عليه بعد هذه المرة .


عودة الوحي :

وبعد فترة ، وبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي إذا به يسمع صوتا ، فرفع وجهه إلى السماء ، فرأى الملك الذي جاءه في غار حراء جالسا على كرسي بين السماء و الأرض ، فارتعد الرسول صلى الله عليه وسلم من هول المنظر ، و أسرع إلى المنزل ، وطلب من زوجته أن تغطيه، قائلا: دثرونى . دثرونى، وإذا بجبريل ينزل إليه بهذه الآيات التي يوجهها الله إليه : {يا أيها المدثر . قم فأنذر . وربك فكبر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر} _[المدثر: 1-5] وفي هذه الآيات تكليف من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس.

الدعوة إلى الإسلام سرا:

كان الناس في مكة يعبدون الأصنام منذ زمن بعيد ، وقد ورثوا عبادتها عن آبائهم وأجدادهم ؛ فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام سرا ، و بدأ بأقرب الناس إليه ، فآمنت به زوجته خديجة بنت خويلد ، وآمن به أيضا ابن عمه علي بن أبي طالب ، و كان غلاما في العاشرة من عمره ، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يقوم بتربيته ، و كان صديقه أبو بكر أول الذين آمنوا به من الرجال ، و كان ذا مكانة عظيمة بين قومه ، يأتي الناس إليه و يجلسون معه ، فاستغل أبو بكر مكانته هذه وأخذ يدعو من يأتي إليه ويثق فيه إلى الإسلام ، فأسلم على يديه عبدالرحمن بن عوف ، و عثمان بن عفان ، و الزبير ابن العوام ، و طلحة بن عبيد الله .. و غيرهم .

و لم تكن الصلاة قد فرضت في ذلك الوقت بالكيفية التي نعرفها ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه الذين أسلموا سرا ركعتين قبل طلوع الشمس و ركعتين قبل الغروب ، و ذلك في مكان بعيد عن أعين الكفار .

وذات يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه في شعب من شعاب مكة ، إذ أقبل عليهم أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم والذي لم يؤمن برسالته، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصلون، سأله عن هذا الدين الجديد، فاخبره الرسول صلى الله عليه وسلم به لأنه يثق في عمه و يامل أن يدخل الإسلام ، ولكن أبا طالب رفض أن يترك دين آبائه و اجداده و طمأن النبي صلى الله عليه وسلم و تعهد بحمايته من أعدائه ، و أوصى ابنه عليا أن يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و استمر الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو قومه سرا ، و عدد المسلمين يزداد يوما بعد يوم ، و يقوى الإيمان في قلوبهم بما ينزله الله عليهم من القرآن الكريم ، و ظلوا هكذا ثلاث سنوات .





يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:48 am

مرحلة الدعوة الجهرية

امر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه و سلم ان يجهر بالدعوة و يبدا بعشيرته و أهله ، فقال تعالى : { و أنذر عشيرتك الأقربين } _[الشعراء:214] فنادى الرسول صلى الله عليه و سلم قريشا ، و قال : ( يا بني كعب أنقذوا انفسكم من النار ، يا بني عبد شمس انقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم و بني عبد المطلب انقذوا انفسكم من النار ، يا فاطمة انقذي نفسك من النار ، فاني و الله لا املك لكم من الله شيئا الا أن لكم رحما سابلها ببلالها (ساصلها) ) _[مسلم].

و نزل هذا الكلام على قلوب الكفار نزول الصاعقة ، فقد أصبحت المواجهة واضحة بينهم و بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انه يطلب منهم أن يتركوا الأصنام التي يعبدونها ، و ان يتركوا الفواحش ، فلا يتعاملون بالربا ، ولا يزنون ، ولا يقتلون اولادهم ، ولا يظلمون احدا ، لكنهم قابلوا تلك الدعوة بالرفض ، وبدءوا يسخرون من النبي صلى الله عليه و سلم ، و من دعوته ، فصبر صلى الله عليه وسلم عليهم وعلى تطاولهم .

و ذات مرة ، كان النبي صلى الله عليه و سلم يطوف بالبيت ، فتطاول عليه بعض الكفار بالكلام ، و لكنه صبر عليهم و مضى ، فلما مر عليهم ثانية تطاولوا عليه بمثل ما فعلوا ، فصبر ولم يرد ، ثم مر بهم الثالثة ، فتطاولوا عليه بمثل ما فعلوا أيضا ، فقال صلى الله عليه وسلم لهم : ( أتسمعون يا معشر قريش ؟ أما و الذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بالذبح ) فخاف القوم حتى ان اكثرهم وقاحة اصبح يقول للرسول صلى الله عليه و سلم بكل أدب : انصرف يا أبا القاسم ، انصرف راشدا ، فوالله ما كنت جهولا .

و ذات يوم ، أقبل رجل من بلد اسمها ( إراش ) إلى مكة ، فظلمه أبو جهل ، وأخذ منه إبله ، فذهب الرجل إلى نادي قريش يسألهم عن رجل ينصره على أبي جهل ، و هنا وجد الكفار فرصة للتسلية و الضحك و السخرية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمروا الرجل أن يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليأخذ له حقه ، فذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و اخذوا ينظرون اليه ليروا ما سيحدث ، فقام النبي صلى الله عليه و سلم مع الرجل ليعيد له حقه من ابي جهل ، فأرسلوا وراءه أحدهم ؛ ليرى ما سوف يصنعه ابوجهل مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم الى بيت ابي جهل ، و طرق بابه ، فخرج ابو جهل من البيت خائفا مرتعدا ، و قد تغير لونه من شدة الخوف ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعط هذا الرجل حقه ) فرد أبو جهل دون تردد : لا تبرح حتى اعطيه الذي له ، و دخل البيت مسرعا ، فأخرج مال الرجل ، فأخذه ، وانصرف .

وعندما أقبل أبو جهل على قومه بادروه قائلين : ويلك ! ما بك ؟ فقال لهم : والله ما هو إلا أن ضرب علي و سمعت صوته فملئت منه رعبا ، ثم خرجت إليه ، و إن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثلَه قط ، فوالله لو أبيت لأكلني . [البيهقي]

وبدأ كفار قريش مرحلة جديدة من المفاوضات ، فذهبوا إلى أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالوا له : يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، و عاب ديننا ، و سفه أحلامنا ، و ضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلى بيننا وبينه ، فرد عليهم أبو طالب ردا رقيقا ، فانصرفوا عنه.

ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمر في إظهار دين الله ودعوة الناس إليه، فجمع الكفار أنفسهم مرة أخرى وذهبوا إلى أبي طالب، فقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سنا و شرفا ومنزلة فينا ، و إنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.

وأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قال له: يابن أخي! إن قومك قد جاءوني، وقالوا كذا وكذا فأَبقِ علىَّ وعلى نفسك، ولا تُحملني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه) فقال أبو طالب: امضِ على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله! لا أسلمك لشيء أبدًا.

لم يستطع المشركون أن يوقفوا مسيرة الدعوة للإسلام، ولم يستطيعوا إغراء الرسول صلى الله عليه وسلم بالمال أو بالجاه، وقد خاب أملهم في عمه أبي طالب، وها هو ذا موسم الحج يقبل ، والعرب سوف يأتون من كل
مكان، وقد سمعوا بمحمد ودعوته، وسوف يستمعون إليه وربما آمنوا به ونصروه، فتسرب الخوف إلى قلوب الكفار في مكة، وفكروا في قول واحد يتفقون عليه ويقولونه عن محمد صلى الله عليه وسلم حتى يصرفوا العرب
عنه، فالتفوا حول الوليد بن المغيرة، وكان أكبرهم سنا؛ فقال أحدهم : نقول إن محمدا كاهن ، فقال الوليد: والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه، فقالوا: نقول إن محمدًا مجنون، فقال لهم: ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه، فقالوا: نقول إن محمدا شاعر، فقال لهم: ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله فما هو بالشعر، فقالوا: نقول ساحر، فقال لهم: ما هو بساحر ، لقد رأينا السحرة و سحرهم و ما هو منهم.

فقالوا للوليد بن المغيرة: فما تقول يا أبا عبد شمس؟ فأقسم لهم أن كلام محمد هو أحلى الكلام وأطيبه، وما هم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه أن تقولوا: إن محمدا ساحر يفرق بين المرء وأخيه وبين الرجل وزوجته والرجل وأبيه، فوافق الكفار على رأيه وانتشروا في موسم الحج يرددون هذه الافتراءات بين الناس، حتى يصدوهم عن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة قوله: {ذرني ومن خلقت وحيدًا . وجعلت له مالاً ممدودًا . وبنين شهودًا . ومهدت له تمهيدًا . ثم يطمع أن أزيد . كلا إنه كان لآياتنا عنيدًا . سأرهقه صعودًا . إنه فكر وقدر . فقتل كيف قدر . ثم قتل كيف قدر . ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر واستكبر . فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر . سأصليه سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . لواحة للبشر . عليها تسعة عشر} _[المدثر:11-30].

إسلام عمر بن الخطاب :

دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الله أن يعز الإسلام بأحد العمرين: عمر بن الخطاب، أو عمرو بن هشام، وكان عمر بن الخطاب قبل أن يسلم شديد الإيذاء للمسلمين، وذات يوم حمل عمر سيفه، وانطلق يبحث عن محمد ليقتله، وفي الطريق قابله رجل، وأخبره أن أخته فاطمة قد أسلمت هي وزوجها سعيد بن زيد، فاتجه عمر غاضبًا نحو دار أخته، ودق الباب، وكان الصحابي خباب بن الأَرَتِّ -رضي الله عنه- يعلِّم أخت عمر وزوجها القرآن الكريم، فلما سمعوا صوت عمر امتلأت قلوبهم بالرعب والخوف، وأسرع خباب فاختبأ في زاوية من البيت، ودخل عمر فقال: لقد أُخبرت أنكما تبعتما محمدًا على دينه، ثم ضرب زوج أخته، وضرب أخته على وجهها حتى سال الدم من وجهها، ولكنها لم تخف، وقالت له في ثبات وشجاعة: نعم أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما شئت.

ندم عمر على ما صنع بأخته، وطلب منها الصحيفة التي كانوا يقرءون منها، فقالت له: يا أخي إنك نجس وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقام عمر فاغتسل، فأعطته الصحيفة، فقرأ عمر: بسم الله الرحمن الرحيم {طه . ما أنزلنا عليكم القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى . تنزيلا ممن خلق الارض والسموات العلى . الرحمن على العرش استوى . له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى . وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر
وأخفى . الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} _[طه:1-8].

وكانت هذه الآيات نورا جذب عمر إلى الإسلام وأضاء له طريق الحق، فما إن قرأها حتى لان قلبه، وهدأ طبعه، وذهب عنه الغضب، وقال -والإيمان يفيض في جوانحه-: ما أحسن هذا الكلام وما أكرمه، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه ، و بعد قليل من إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في وضح النهار بين عمر بن الخطاب وحمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنهما- وامتنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما، وكان المسلمون لا يقدرون أن يُصَلُّوا عند الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب، فلما أسلم هو وحمزة بن عبدالمطلب صلى المسلمون عند الكعبة.



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:50 am

الهجرة إلى الحبشة
أصبحت مكة سجنا كبيرا يعذب فيه ضعفاء المسلمين ، فهذا امية بن خلف يخرج عبده بلال بن رباح - رضي الله عنه - في حر الظهيرة و يطرحه على ظهره عريانا فوق الرمال المحرقة ، و يضع على صدره صخرة كبيرة ، كل هذا العذاب لان بلالا أسلم و سيده يريد منه ان يكفر بمحمد و يعبد الاصنام ، لكن بلالا كان قوي الايمان صلب العقيدة ، لم يلن ولم يستسلم ، و كان يردد قائلا : أحد .. احد . و تحمل كل هذا العذاب حتى فرج الله عنه .

و عذب المسلمون داخل بيوتهم ؛ فهذا مصعب بن عمير قد حبسته أمه ، و منعت عنه الطعام ، و جمعت اخواله حتى يعذبوه ليترك الاسلام ، و هكذا اصبحت مكة مكانا غير مأمون على المسلمين ، فتعذيب الكفار لهم يزداد يوما بعد يوم ، ففكر النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يطمئن فيه على أصحابه ، فوقع اختياره على الحبشة ، فأمر اصحابه ممن يطيقون الهجرة بالتوجه إليها ، لان فيها ملكا لا يظلم عنده أحد ، و خرج بعض المسلمين المهاجرين إلى هناك سرا ، و كان من بينهم عثمان بن عفان و زوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه و سلم ، و جعفر بن ابي طالب و زوجته اسماء بنت عميس ، و عبدالله بن مسعود -رضي الله عنهم- و غيرهم .

و لما علم أهل قريش بذلك اشتد غيظهم ورفضوا أن يتركوا المسلمين المهاجرين إلى الحبشة وشأنهم، بل صمموا على إرجاعهم إلى مكة، فاختاروا من بينهم رجلين معروفين بالذكاء، وهما: عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي بلتعة وأرسلوهما بهدايا إلى ملك الحبشة، فدخل عمرو بن العاص على النجاشي، وقال له: أيها الملك، إنه ضوى (جاء) الى بلدك منا سفهاء ، فارقوا دين قومهم ، و لم يدخلوا في دينكم ، و جاءوا بدين مبتدع ، لا نعرفه نحن ولا انتم ، و قد بعثنا إلى الملك فيهم آباؤهم و اعمامهم و عشائرهم ؛ لتردهم اليهم ، فهم أعلى بهم عينا و أعلم بما عابوا عليهم ، فرفض النجاشي أن يسلم المسلمين لهم ، حتى يبعث إليهم ويتأكد من صحة كلام عمرو و صاحبه .

فارسل النجاشي في طلب المسلمين المهاجرين إلى بلاده فجاءوا إليه، وأنابوا جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- حتى يتحدث باسمهم، فسأله النجاشي: ما هذا الدين الذي قد فارقتم به قومكم، ولم تدخلوا في ديني، ولا في دين أحد من هذه الملل ؟ فرد عليه جعفر قائلا: أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، و نأتي الفواحش ، و نقطع الأرحام ، و نسيء الجوار ، و يأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه ، و صدقه ، و أمانته ، و عفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، و نخلع ما كنا نعبد نحن و آباؤنا من دونه من الحجارة و الأوثان ، و أمرنا بصدق الحديث ، و أداء الأمانة ، و صلة الرحم ، و حسن الجوار ، و الكف عن المحارم و الدماء ، و نهانا عن الفواحش ، و قول الزور ، و أكل مال اليتيم ، و قذف المحصنات .

وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ، و أمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيام فصدقناه و آمنا به ، و اتبعناه على ما جاء به من الله ، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا ، و حرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا , فعدا علينا قومنا فعذبونا و فتنونا عن ديننا ، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله - تعالى - وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلَم عندك أيها الملك، فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به الله من شيء؟ قال جعفر: نعم. فقال النجاشي: اقرأه علي.
فقرأ عليه جعفر أول سورة مريم، فبكى النجاشي، ثم قال: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، ثم قال لعمرو وصاحبه: انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، ورد النجاشي الهدايا إلى عمرو ولم يسلم المسلمين إليه ، و هكذا فشل المشركون في الإيقاع بين المسلمين و ملك الحبشة .



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 5:51 am

المقاطعة

ازداد عدد المسلمين ، و انضم اليهم عدد من اصحاب القوة و السيطرة ، فاصبح من الصعب على المشركين تعذيبهم ، ففكروا في تعذيب من نوع آخر ، يشمل كل المسلمين قويهم و ضعيفهم ، بل يشمل كل من يحمي النبي صلى الله عليه و سلم و المسلمين حتى ولو لم يدخل في الاسلام ، فقرر المشركون ان يقاطعوا بني هاشم ومن معهم ، فلا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم ، و لا يبيعون لهم و لا يشترون منهم ، ولا يكلمونهم ، و لا يدخلون بيوتهم ، و ان يستمروا هكذا حتى يسلموا اليهم محمدا ليقتلوه أو يتركوا دينهم ، و أقسم المشركون على هذا العهد ، و كتبوه في صحيفة و علقوها داخل الكعبة .

و أحكم المشركون الحصار ، فاضطر الرسول صلى الله عليه وسلم و من معه إلى الاحتباس في شعب بني هاشم ، و كان رجال قريش ينتظرون التجار القادمين الى مكة ليشتروا منهم الطعام و يمنعوا المسلمين من شرائه ، فيظلوا على جوعهم ، فهذا ابو لهب يقول لتجار قريش عندما يرى مسلما يشترى طعاما لأولاده : يا معشر التجار ، غالوا على اصحاب محمد ؛ حتى لا يدركوا معكم شيئا ، فيزيدون عليهم في السلعة ، حتى يرجع المسلم الى اطفاله ، و هم يتألمون من الجوع ، و ليس في يديه شيء يطعمهم به .

و يذهب التجار الى أبي لهب فيربحهم فيما اشتروا من الطعام و اللباس ، حتى تعب المؤمنون و من معهم من الجوع و العرى ، و استمر هذا الحصار على بني هاشم و المسلمين مدة ثلاث سنوات ، و لكن المسلمين أثبتوا أنهم أقوى من كل حيل المشركين ، فإيمانهم راسخ في قلوبهم لا يزحزحه جوع ولا عطش ، حتى و إن اضطروا إلى أكل اوراق الشجر، فلم ييأسوا ، و لم ينفضوا من حول نبيهم صلى الله عليه و سلم .

و شعر بعض المشركين بسوء ما يفعلونه ، فقرروا انهاء هذه المقاطعة الظالمة و ارسل الله تعالى الارضة ( دودة أو حشرة صغيرة تشبه النملة ) فأكلت صحيفتهم ، و لم تبق إلا اسم الله تعالى ، و أوحى الله إلى نبيه بذلك ، فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم عمه أبا طالب بما حدث للصحيفة ، فذهب ابو طالب الى الكفار و اخبرهم بما أخبره محمد صلى الله عليه و سلم به ، فأسرعوا إلى الصحيفة ، فوجدوا ما قاله أبو طالب صدقا ، و تقدم من المشركين هشام بن عمرو ، و زهير بن أبي أمية و المطعم بن عدى ، و أبو البختري بن هشام ، و زمعة بن الأسود ، فتبرءوا من هذه المعاهدة ، و بذلك انتهت المقاطعة بعد ثلاث سنوات من الصبر ، و الثبات
و التحمل .




يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الغريب
Admin
Admin
الغريب


ذكر
عدد الرسائل : 2659
العمر : 34
رقم العضويه : 1
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Sports10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Collec10
نقاط : 1846
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 25/08/2007

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالجمعة أكتوبر 03, 2008 4:24 pm

بسراحه انتى متميزه
وموضوع جميل جدا جدا
وربنا يجعله فى ميزان حساناتك
وجزاكى الله كل خير
تحياتى لكى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elgharib1.ahlamontada.com
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:33 pm

متشكرة جدا ياغريب
نورت الموضوع والله
مع خالص تحيتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:35 pm

عام الحزن

في العام العاشر من البعثة كانت الاحزان على موعد مع الرسول صلى الله عليه و سلم ، فقد مات عمه ابو طالب الذي كان يحميه من اهل مكة ، ثم ماتت زوجته الوفية الصادقة السيدة خديجة -رضي الله عنها- التي كانت تخفف عنه ، و تؤيده في دعوته إلى الله -عز وجل- و هي التي آمنت به و ساعدته بمالها ، و رزقه الله منها الأولاد ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها و يقدرها ، و بشرها الرسول صلى الله عليه و سلم بالجنة -قبل موتها- فقد أتى جبريل -عليه السلام- النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام، أو طعام، أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها و مني ، و بشرها ببيت في الجنة من قصب (المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر الكبير) لا صخب فيه ولا نصب) _[البخاري].

فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا على وفاة زوجته و عمه ، و ازداد قلقه على الدعوة ، فقد فقد نصيرين كبيرين ، و صدق ما توقعه الرسول صلى الله عليه و سلم ، فقد اشتد تعذيب المشركين له و لاصحابه .

زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة سودة :

كانت السيدة سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - قد اسلمت في بداية الاسلام و هاجرت الى الحبشة مع زوجها السكران بن عمرو ، ثم عادت إلى مكة ، و قد مات زوجها ، فتزوجها الرسول صلى الله عليه و سلم اكراما لها ، و رحمة بها .

رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

لم ييأس الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن أعرض أهل مكة عن قبول الدعوة ولكنه بحث عن مكان آخر لنشر الدين، فأرض الله واسعة، وقد أرسله الله تعالى ليخرج الناس جميعا من الظلمات الى النور .

فسافر رسول الله صلى الله عليه و سلم و معه خادمه زيد بن حارثة إلى الطائف و كان ذلك بعد مضي عشر سنوات من بعثته ، و ظل في الطائف عشرة أيام يدعو كبار القوم إلى الإسلام ، و لكن الطائف لم تكن أحسن حالا من مكة ، فقد رفض أهلها قبول دعوته ، ولم يكتفوا بذلك ، بل إنهم سلطوا عليه صبيانهم و سفهاءهم فوقفوا صفين على طول طريق الرسول صلى الله عليه و سلم يسبونه ، و يقذفونه بالحجارة هو و زيد بن حارثة الذي كان يدافع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفسه و يصد الحجارة ، حتى جرح في رأسه ، وسال الدم من قدم الرسول صلى الله عليه وسلم.

عندئذ توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه، ولجأ إليه، ورفع يديه قائلا: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني ، أم إلى عدو ملكته أمري ؟! إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى ( التوبة و الرجوع و الاستغفار ) حتى ترضى ، ولا حول و لا قوة إلا بك )
[ابن إسحاق].

ووجد النبي صلى الله عليه وسلم بستانا لعتبة و شيبة ابني ربيعة فجلس فيه يريح جسده المتعب لبعض الوقت، و رأى عتبة وشيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الحال ، فرق قلبهما له مع أنهما مشركان، فأرسلا غلامهما عداسا بعنقود من عنب ، ليقدمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناوله قائلا: بسم الله ، فتعجب عداس ، وقال: إن هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلاد -يعنى لا يقولون بسم الله- فسأله الرسول صلى الله عليه و سلم عن دينه و بلده، فقال عداس : انا نصراني من اهل نينوى ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ ) فقال عداس متعجبا : و ما يدريك ما يونس بن متى ؟! فقال صلى الله عليه وسلم : (ذلك أخي كان نبيا و أنا نبي ) فانكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه و يديه و قدميه المجروحتين .

وفي طريق عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، شاء الله أن يخفف عنه ما عاناه في الطائف، فعندما وقف يصلي الفجر مر به نفر من الجن ، فاستمعوا له ، فلما فرغ من صلاته رجعوا إلى قومهم و قد آمنوا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى مخبرا عن هذا: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا} _
[الجن: 1-2].




يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:36 pm

الإسراء والمعراج

و هكذا اعرض اهل مكة عن الإسلام ، و خذل اهل الطائف النبي صلى الله عليه و سلم ، و ازداد إيذاء الكافرين له و لصحابته ، و خاصة بعد وفاة السيدة خديجة - رضي الله عنها - و عمه ابي طالب ، و اراد الله -سبحانه- أن يخفف عن نبيه ، فاكرمه برحلة الاسراء و المعراج ؛ فبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم نائما بعد العشاء جاءه جبريل ، فأيقظه و خرج به حتى انتهيا الى دابة اسمها ( البراق ) تشبه البغل ، و لها جناحان ، فركب الرسول صلى الله عليه و سلم البراق حتى وصل بيت المقدس في فلسطين ، و صلى بالأنبياء ركعتين .

و هذه الرحلة من مكة الى بيت المقدس تسمى ( الإسراء ) قال تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } _[الإسراء: 1].

ثم بدأت الرحلة السماوية من المسجد الأقصى الى السماوات العلا و تسمى ( المعراج ) و إذا بأبواب السماء تفتح للنبي صلى الله عليه و سلم ، فسلم على الملائكة ، و ظل يصعد من سماء إلى سماء يرافقه جبريل ؛ فرأى الجنة و النار ، و رأى من مشاهد الآخرة ما لم يره إنسان حتى وصل إلى سدرة المنتهى ، و هو موضع لم يبلغه نبي أو ملك قبله ولا بعده تكريما له ، قال تعالى : { فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده ما أوحى } [النجم: 9-10] وفي هذه الليلة ، فرض الله الصلوات الخمس على المسلمين , و كانت خمسون بداية و لكن الله خفف عن المسلمين فاصبحت خمسا و لكن اجرها بخمسين صلاة ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، و ركب البراق عائدا إلى مكة .

وفي الصباح ، حكى رسول الله صلى الله عليه و سلم لقومه ما حدث ، فكذبوه و سخروا من كلامه ، و أراد الكفار أن يختبروا صدق الرسول صلى الله عليه و سلم ، فطلبوا منه أن يصف بيت المقدس -ولم يكن رآه من قبل- فأظهر الله له صورة بيت المقدس ، فأخذ يصفه و هو يراه ، و هم لا يرونه ، و أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأشياء رآها في الطريق ، و بقوم مر عليهم و هم في طريقهم إلى مكة ، فخرج الناس ينتظرونهم ، فجاءوا في موعدهم الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا بصدقه .

و اسرع بعضهم إلى أبي بكر يقول له في استنكار : أسمعت ما يقول محمد ؟ و كان أبو بكر مؤمنا صادق الايمان، فصدق الرسول صلى الله عليه و سلم في كل ما قاله ، فسماه الرسول صلى الله عليه و سلم ( الصديق ) و هكذا كانت هذه الرحلة تسرية عن النبي صلى الله عليه و سلم ، و تخفيفا للأحزان التي مر بها ، و تأكيدا من الله له على أنه قادر على نصرته ، و كانت ايضا ابتلاء للذين آمنوا حتى يميز الله الطيب من الخبيث .




يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:37 pm

الرسول في موسم الحج

جاء موسم الحج في السنة العاشرة من البعثة ، فاجتمعت القبائل من كل مكان و بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم قائلا : ( يا أيها الناس ، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ، و تملكوا بها العرب ، و تذل لكم العجم ، و إذا آمنتم كنتم ملوكا في الجنة ) _ [ الطبراني و ابن سعد ] و وجد الرسول صلى الله عليه و سلم ستة رجال من ( يثرب ) يتحدثون ، فاقترب منهم ، و قال لهم : ( من أنتم ؟ )
قالوا : نفر من الخزرج .
قال : أمن موالى يهود ( أي من حلفائهم ) ؟
قالوا : نعم .
قال : أفلا تجلسون أكلمكم ؟. قالوا : بلى .
فجلس معهم و حدثهم عن الإسلام ، و تلا عليهم القرآن ، فانشرحت له صدورهم ، و ظهرت علامات القبول على وجوههم ، و كانت بينهم و بين اليهود عداوة ، فكان اليهود يهددونهم بظهور نبي ، و سوف يؤيدونه و يقاتلونهم معه ، فلما سمعوا كلام الرسول صلى الله عليه و سلم نظر بعضهم لبعض وقالوا : تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه .. فأجابوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه ، و وعدوه بأن يقابلوه في العام المقبل ، ثم انصرفوا إلى قومهم و حدثوهم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فانتشرت أخباره في يثرب . _[ابن إسحاق].

بيعة العقبة الاولى :

و في شهر ذي الحجة سنة احدى عشرة من البعثة ، قدم إلى مكة اثنا عشر رجلا من أهل يثرب من بينهم خمسة من الستة الذين كلموا الرسول صلى الله عليه وسلم في العام الماضي ، و اجتمع معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه العقبة؛ فآمنوا به صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على ألا يشركوا بالله شيئا ، و لا يسرقوا ، و لا يرتكبوا الفواحش والمنكرات، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يعصوه صلى الله عليه وسلم في معروف يأمرهم به.
وكانت هذه هي بيعة العقبة الأولى، وعندما عادوا إلى يثرب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليعلمهم أمور الدين ويقرأ عليهم القرآن، فأسلم على يديه كثير من أهل يثرب.

بيعة العقبة الثانية :

و في شهر ذي الحجة من العام الثاني عشر من البعثة ، ذهب ثلاثة و سبعون رجلا وامرأتان من أهل يثرب إلى الحج، ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة تسلل الرجال والمرأتان وذهبوا إلى العقبة، وجاء إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب، ولم يكن قد آمن وقتئذ، ولكنه جاء ليطمئن على اتفاق ابن أخيه مع أهل يثرب، وليبين لهم أنه قادر على حمايته في مكة إن لم يكونوا قادرين على حمايته في المدينة.

وتمت بيعة العقبة الثانية، وفيها عاهد الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وقال لهم : (تبايعوني على السمع والطاعة، في النشاط و الكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم
ولكم الجنة) _[أحمد].

وأصبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتباع أقوياء مستعدون لنصرته، والقتال من أجل الإسلام، حتى إن أحدهم وهو العباس بن عبادة -رضي الله عنه- قام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والله الذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا ما يأمره الله به، فقال له : (لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم)
[ابن إسحاق] واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر رجلا؛ ليكونوا أمراء عليهم حتى يهاجر إليهم.

وفي الصباح، تسلل الخبر إلى كفار قريش ، فاكتشفوا أمر ذلك الاجتماع الخطير ، وخرجت قريش تطلب المسلمين من أهل يثرب فأدركوا (سعد بن عبادة) وأسروه وأخذوا يعذبونه ويَجُرُّونه حتى أدخلوه مكة، وكان سعد يجير ويحمي تجارة اثنين من كبار مكة إذا مرا ببلده، وهما جبير بن مطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية، فنادى باسميهما فجاءا وخلصاه من ايدي المشركين ، وعاد سعد بن عبادة -رضي الله عنه- إلى يثرب.



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:40 pm

الهجرة من مكة الى المدينة

أصبح كفار مكة في غيظ شديد ، بعدما صار لرسول الله صلى الله عليه و سلم انصار في يثرب ، وهم اهل حرب يجيدون القتال ، و سوف ينصرون الإسلام ، فشعر كفار مكة أن الامر سيخرج من ايديهم ، فانقضوا على المسلمين بالتعذيب و الاذى ، و التف المسلمون حول نبيهم الكريم صلى الله عليه و سلم يطلبون منه الاذن في ترك مكة كلها ، و يهاجرون بدينهم ، حتى يستطيعوا أن يعبدوا الله تعالى و هم آمنون ، فاذن لهم الرسول صلى الله عليه و سلم بالهجرة إلى المدينة . فبدأ المسلمون يتسللون سرا إلى المدينة ، تاركين ديارهم و أموالهم من أجل دينهم .

و جاء أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - الى الرسول صلى الله عليه و سلم يستأذنه في الهجرة ، فطلب منه الرسول صلى الله عليه و سلم أن ينتظر لعل الله يجعل له صاحبا ، ففهم أبو بكر أنه سيظفر بالهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانتظر مسرورا ، و أخذ يعد للرحلة المباركة ، فجهز ناقتين ليركبهما هو و رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .

المؤامرة :

اجتمع زعماء مكة في دار الندوة - ذلك البيت الكبير الواسع الذي كان لقصي بن كلاب - و على وجوههم الغضب ؛ للتشاور في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد شعروا انه يعد نفسه للهجرة إلى المدينة ، و إذا تم له ذلك فسوف تصبح المدينة مركزا كبيرا يتجمع فيه المسلمون من كل مكان حول النبي صلى الله عليه و سلم ، و بذلك يشكلون خطرا على تجارة أهل مكة عندما تمر بالمدينة في طريقها إلى الشام ذهابا و إيابا ، و بدأ النقاش ، فقال بعضهم : نخرج محمدا من بلادنا فنستريح منه ، و قال آخرون : نحبسه حتى يموت .
و قال أبو جهل : نأخذ من كل قبيلة شابا قويا ، و نعطي كلا منهم سيفا صارما قاطعا ، لينقضوا على محمد ، و يضربوه ضربة قاتلة ، و هكذا لا يستطيع عبد مناف - قوم محمد - محاربة القبائل كلها ، فيقتنعون بأخذ ما يريدون من مال تعويضا عن قتل محمد ، و كان الشيطان اللعين يجلس بينهم في صورة شيخ نجدي و هم لا يعرفونه ، فلما سمع ذلك الرأي قال في حماس : القول ما قال الرجل ، و هذا الرأي لا رأى غيره ، فاتفقوا جميعا عليه .

و سجل القرآن الكريم ما دار في اجتماع المشركين ذلك ، فقال تعالى: {إذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} _[الأنفال: 30] وتدخلت عناية الله؛ فجاء جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يأمره ألا يبيت هذه الليلة في فراشه وأن يستعد للهجرة، قالت عائشة -رضي الله عنها-: فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في حر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يأتينا في مثل هذه الساعة، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: فداء له أبي وأمي ، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: (أخرج من عندك) فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله ، قال: (فإني قد أذن لي في الخروج) فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم).

أحداث الهجرة :

كان الله -سبحانه- قادرا على أن يرسل ملكا من السماء يحمل رسوله إلى المدينة كما أسرى به ليلا من مكة إلى المسجد الأقصى و عرج به السماء ، و لكن جعل الهجرة فرصة كبيرة لنتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم دروسا عظيمة في كيفية التفكير و التخطيط و الأخذ بالأسباب التي توصل إلى النجاح .
و لنبدأ بأول هذه الدروس ، فكيف يخرج النبي صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه أبو بكر -رضي الله عنه- من بين هؤلاء الكفار دون أن يلحقوا بهما؟ فلو خرجا من مكة سالمين فإن المسافة طويلة بين مكة والمدينة وسوف يخرج وراءهما الكفار ويدركونهما، لابد إذن من الاختباء في مكان ما؛ حتى ييأس الكفار من البحث عنهما، ومن هنا وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم خطة محكمة لتتم الهجرة بسلام.

فأمام بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف مجموعة من شباب قريش في الليل، ينتظرون حتى يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم، فينقضوا عليه و يقتلوه ، و كان هؤلاء الكفار يتطلعون بين الحين والحين إلى فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطمئنوا على وجوده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالنوم في فراشه، وأن يتغطى ببردته، وطمأنه بأن المشركين لن يؤذوه بإذن الله.

واستجاب علي -رضي الله عنه- بكل شجاعة وحماس، ونفذ ما أمره الرسول صلى الله عليه وسلم به، وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك تضليل المشركين، فإذا نظروا إليه من الباب ووجدوه في فراشه، ظنوا أنه صلى الله عليه وسلم ما زال نائمًا، وقد كانت عند الرسول صلى الله عليه وسلم أمانات كثيرة تركها المشركون عنده، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يردها إلى أصحابها، فأمر عليا أن ينتظر في مكة لأداء هذه المهمة، رغم أنهم أخرجوا المسلمين من ديارهم، وآذوهم، ونهبوا أموالهم ولكن المسلم يجب أن يكون أمينا.

و كان أبو جهل يقول لأصحابه متهكما برسول الله صلى الله عليه وسلم: إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه أصبحتم ملوك العرب و العجم ، ثم بعثتم من بعد موتكم ، فدخلتم الجنة ، و إن لم تفعلوا ذبحكم ثم بعثتم من بعد موتكم فتدخلون النار تحرقون فيها.
ونام علي -رضي الله عنه- في فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب، وخرج وفي قبضته حفنة من التراب فنثرها على رءوس المشركين، وهو يقرأ سورة يس إلى قوله تعالى: {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون} _[يس: 9] وإذا برجل يمر عليهم فرأى التراب على رءوسهم، فقال لهم: خيبكم الله، قد خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، أفما ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه التراب.

فنظروا من الباب، فوجدوا رجلا نائما في مكان الرسول صلى الله عليه وسلم وعليه غطاؤه، فقالوا: هذا محمد في فراشه، وعليه بردة، ثم اقتحموا دار النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدوا عليا في فراشه، فخرجوا يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل مكان، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم خلال هذه الفترة قد وصل إلى بيت صاحبه أبي بكر -رضي الله عنه- وعزما على الذهاب إلى غار ثور ليختبئا فيه.

وحمل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كل ماله، وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب صغير في نهاية المنزل حتى لا يراهما أحد، وانطلقا حتى وصلا الغار، وهناك وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل أبوبكر أولا؛ ليطمئن على خلو الغار من الحيات والعقارب، ثم سد ما فيه من فتحات حتى لا يخرج منها شيء، وبعد ذلك دخل الرسول صلى الله عليه وسلم.

و ها هي ذي أسماء بنت أبي بكر يدخل عليها جدها أبو قحافة بعد أن علم بخروج ولده أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، و كان رجلا كبيرا قد عمى ، يسألها عما تركه أبو بكر في بيته ويقول: والله إني لأراه فجعكم بماله مع نفسه ، قالت : كلا يا أبت ! إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا ، و أخذت أحجارا فوضعتها في المكان الذي كان أبوها يضع ماله فيه، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده وقالت : يا أبت ، ضع يدك على هذا، فوضع يده عليه فقال: لا بأس ، فإن كان ترك لكم هذا فقد أحسن ، وفي هذا بلاغ لكم .

أما كفار مكة فإنهم حيارى ، يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه ويضربون كفا بكف من الحيرة والعجب، فالصحراء على اتساعها مكشوفة أمامهم، ولكن لا أثر فيها لأحد ولا خيال لإنسان، فتتبعوا آثار الأقدام، فقادتهم إلى غار ثور، فوقفوا أمام الغار، وليس بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه سوى أمتار قليلة، حتى إن أبا بكر رأى أرجلهم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما)
[متفق عليه].

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد انصرف القوم، ولم يفكر أحدهم أن ينظر في الغار، وسجل القرآن هذا، فقال تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم} [التوبة: 40].

ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار ثلاثة أيام، وكان عبدالله بن أبي بكر يذهب إليهما بأخبار الكفار ليلا، وأخته أسماء تحمل لهما الطعام، أما عامر بن فهيرة راعي غنم أبي بكر فقد كان يسير بالأغنام فوق آثار أقدام عبدالله وأسماء حتى لا يترك أثرًا يوصل إلى الغار، وبعد انتهاء الأيام الثلاثة، خف طلب المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فخرجا من الغار، والتقيا بعبد الله بن أريقط، وقد اتفقا معه على أن يكون دليلهما في هذه الرحلة مقابل أجر.

تحرك الركب بسلام، وأبو بكر لا يكف عن الالتفات والدوران حول النبي صلى الله عليه وسلم خوفا عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن ، ولا يلتفت حوله فهو واثق من نصر الله -تعالى- له، ولا يخشى أحدا ، و بينما أبو بكر يلتفت خلفه إذا بفارس يقبل نحوهما من بعيد ، كان الفارس هو سراقة بن مالك وقد دفعه إلى ذلك أن قريشا لما يئست من العثور على الرسول صلى الله عليه وسلم و صاحبه ، جعلوا مائة ناقة جائزة لمن يرده إليهم حيا أو ميتا.

فانطلق سراقة بن مالك بفرسه و سلاحه في الصحراء طمعا في الجائزة ، فغاصت أقدام فرسه في الرمال مرتين حين رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فنزل سراقة مسرعا عن الفرس ، حتى نزعت أقدامها من الرمال ، فأيقن سراقة أن الله تعالى يحرس رسوله صلى الله عليه و سلم ، و لن يستطيع إنسان مهما فعل أن ينال منه ، فطلب من رسول الله أن يعفو عنه ، و عرض عليه الزاد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (لا حاجة لنا ، ولكن عم عنا الخبر ) فوعده سراقة ألا يخبر أحدا ، و عاد إلى مكة ، وهكذا خرج سراقة يريد قتلهما وعاد وهو يحرسهما ويبعد الناس عنهما، فسار النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة تحرسهما عناية الله.

وأثناء رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر إلى المدينة مرا بمنازل خزاعة ودخلا خيمة أم معبد الخزاعية، وكانت سيدة كريمة، تطعم وتسقي من مر بها، فسألاها: عما إذا كان عندها شيء من طعام؟ فأخبرتهما أنها لا تملك شيئا في ذلك الوقت، فقد كانت السنة شديدة القحط، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
فأخبرته أنها شاة منعها المرض عن الخروج إلى المراعي مع بقية الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك، فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم إن رأيت بها حلبا فاحلبها.

فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، وطلب إناء فحلب فيه حتى علته الرغوة، فسقاها فشربت حتى شبعت، وسقى رفيقيه أبا بكر وعبد الله بن أريقط حتى شبعا، ثم شرب، وحلب فيه ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه صلى الله عليه وسلم وانصرف.


الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء :

علم أهل المدينة بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، فكانوا يخرجون كل يوم بعد صلاة الصبح إلى مشارف المدينة ، و عيونهم تتطلع إلى الطريق ، و تشتاق لمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم ، ولا يعودون إلى بيوتهم إلا إذا اشتد حر الظهيرة ، ولم يجدوا ظلا يقفون فيه.

وفي يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول انتظر أهل يثرب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادتهم ، حتى اشتد الحر عليهم ، فانصرفوا لبيوتهم ، وبعد قليل أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، فأبصرهما رجل يهودي كان يقف على نخلة ، فصاح بأعلى صوته : يا بني قيلة ، هذا صاحبكم قد جاء ، فأسرع المسلمون لاستقبال نبيهم وصاحبه أبي بكر الذي كان يظل رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه من حر الشمس .

و بينما الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء ، في بيت سعد بن خيثمة يستقبل الوافدين عليه ، أقبل علي بن أبي طالب من مكة بعد أن ظل فيها ثلاثة أيام بعد خروج الرسول صلى الله عليه و سلم ؛ ليرد الأمانات إلى أهلها ، وقد ظل الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء أربعة أيام يستقبل أهل المدينة ، و عندما أقبل يوم الجمعة ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء متوجها للمدينة بعد أن أسس مسجد قباء ، وهو أول مسجد بني في الإسلام، وقال الله -عز وجل- عنه: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} _[التوبة: 108].

وكانت الهجرة حدثا فاصلا بين عهدين ، فقد أعز الله المسلمين بعد أن كانوا مضطهدين ، وصارت لهم دار آمنة يقيمون فيها ، و مسجد يصلون فيه ، و يؤدون فيه شعائرهم ، ويتشاورون في أمورهم، لهذا كله اتفق الصحابة على جعل الهجرة بداية للتاريخ الإسلامي، فقد تحول المسلمون من الضعف و الحصار و الاضطهاد إلى القوة و الانتشار ورد العدوان .



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:41 pm

الرسول في المدينة

كانت يثرب قبل الهجرة تموج بالصراعات و الحروب و الدسائس ، فنار العداوة مشتعلة بين قبيلتي الاوس و الخزرج ، و الحرب بينهما سجال ، فإذا انتصر أحدهما عمل الآخر بكل طاقته على إلحاق الهزيمة به ، حتى فني الرجال ، و ترملت النساء و تيتم الأبناء ، و كان اليهود يقفون خلف الستار ، يزيدون النار اشتعالا ، فيمدون الطرفين بالسلاح ، و يثيرون بينهما العداوات و الفتن ؛ آملين أن يقضي بعضهم على بعض ، حتى تكون لليهود السيادة و الكلمة الأولى في المدينة .

و اجتمع أهل يثرب على ( عبدالله بن أبي بن سلول ) لتكون له الكلمة العليا في إدارة المدينة ، و لكن الله أراد السلامة للمدينة ؛ و أراد لها أن تكون مركز الدولة الإسلامية ، فأقبل موكب رسول الله صلى الله عليه و سلم على المدينة ، فاستقبله أهلها استقبالا عظيما ؛ و كان أمل كل واحد منهم أن يستضيف الرسول صلى الله عليه و سلم في بيته ، فكلما مرت الناقة التي تحمل رسول الله صلى الله عليه و سلم ببيت ، خرج أهل ذلك البيت ، و تعلقوا بزمامها ، و هم يرجون أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم ، فكان يقول لهم : ( دعوا الناقة فإنها مأمورة ) أي اتركوا الناقة فإنها ستقف وحدها حيث أمرها الله تعالى .

وفي مكان يملكه يتيمان من بني النجار أمام دار أبي أيوب الأنصاري بركت الناقة ، فقال صلى الله عليه وسلم: (هذا إن شاء الله المنزل) فحمل أبو أيوب رحل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته. [ابن إسحاق] وإذا بفتيات صغيرات من بني النجار ، يخرجن فرحات بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم و ينشدن :
نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد مـن جار
و في بيت أبي أيوب الأنصاري المكون من طابقين ، نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم في الطابق السفلي ، فقال له أبو أيوب : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، إني لأكره و أعظم أن أكون فوقك ، و تكون تحتي ، فاظهر (اصعد) أنت فكن في الأعلى ، وننزل نحن فنكون في السفل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا أبا أيوب، إنه لأرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في أسفل البيت) _[أحمد].

وهكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يثقل على أهل البيت، وكان الصحابي أبو أيوب الأنصاري كريما في ضيافته، فإن صنع طعاما لا يأكل هو زوجته إلا بعد أن يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منه أولا، ثم يأكلان من موضع أصابعه حبا فيه و طلبا لبركته .

بناء المسجد :

عاش المسلمون في المدينة حياة آمنة مطمئنة ، يغشاها الهدوء و السكينة ، و رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم في وطنهم الجديد ، لقد أصبحت لهم دولة دينها الإسلام ، وقائدها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أول ما فكر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو بناء مسجد يجتمعون فيه، فيؤدون فيه صلاتهم، ويقضون أمورهم، ويتشاورون فيما يخصهم، فاشترى صلى الله عليه وسلم الموضع الذي بركت فيه الناقة؛ ليبني فيه المسجد.

وتجمع المسلمون لبناء المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، ينظف المكان، ويحمل معهم الطوب، ويشارك في البناء، فهذا يقطع النخيل، وهذا يحفر أماكن الأعمدة، وذاك يقيم الجدار، وآخر يعد الطين، وهذا يحمل الطوب، كلهم ينشدون:
لَئِنْ قَـعَـدنا والنبــي يَعمَــل لـَذَاك منـَّا العمـلُ المضَـلَّلُ
وينشدون أيضًا::
لا عَيْشَ إلا عيـشُ الآخِـرَة اللَّهُمَّ فارحَمِ الأنْصَارَ والمهاجِرَة
ومن المسجد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظم دولته، وكان أهم شيء في هذه الدولة هم الأفراد الذين يعيشون فيها؛ لأنها تنهض بهم وتعتمد عليهم، فكان المسلمون في المدينة عندئذ قسمين:
-المهاجرون، وهم أهل مكة الذين هاجروا بدينهم إلى المدينة.
-الأنصار، وهم أهل المدينة الأصليون، الذين اعتنقوا الإسلام، واستضافوا المسلمين في بلدهم، ونصروا الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفي بداية الهجرة كان المهاجرون في المدينة يعانون من الوحشة والإحساس بالغربة، فحياة المدينة و جوها يختلفان عن مكة، مما جعل أكثرهم يتعرض للمرض ، فتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه ودعاه أن يحبب المدينة إلى قلوب المهاجرين، وأن يزيل مرض الحمى عنهم، فاستجاب الله تعالى لنبيه وحبَّبَ إلى المهاجرين العيش في المدينة، وصاروا يتحركون في شوارعها، و سوقها بحماس ومرح كأنهم ولدوا ونشئوا فيها.

الصلح بن الأوس والخزرج :

وكان الأنصار قبيلتين كبيرتين : الأوس ، و الخزرج ، و كانت الحروب لا تنقطع بينهما قبل أن يعتنقوا الإسلام ، فصالح الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما ، و نزع الله من قلوبهم العداوة و الكراهية ، وحل محلها الحب و المودة و الوئام .

المؤاخاة :

والآن بعد أن استقر المهاجرون، وصلح حال الأنصار، بقي أن يندمجوا سويًّا فيصبحوا أخوة مسلمين، فلا فرق بين مهاجر وأنصاري، لذلك آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فجعل لكل مهاجر أخًا من الأنصار، فأبو بكر الصديق أخ لخارجة بن زهير، وعمر بن الخطاب أخ لعتبان بن مالك، وعبد الرحمن بن عوف أخ لسعد بن الربيع، ولم تكن الأخوة مجرد كلمة تقال، بل طبقها المسلمون تطبيقًا فعليًّا فهذا سعد بن الربيع الأنصاري يأخذ أخاه عبد الرحمن بن عوف، ويعرض عليه أن يعطيه نصف ما يملك، ولكن عبد الرحمن بن عوف يشكره ويقول له: بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دُلَّني على السوق، وذهب عبدالرحمن إليه فربح وأكل من عمل يده. _[البخاري].

ولم يقتصر ذلك على سعد بن الربيع بل فعله كثير من الصحابة حتى إنه كان يرث بعضهم بعضًا بناءً على هذه الإخوة، فيرث المهاجر أخاه الأنصاري، ويرث الأنصاري أخاه المهاجر، وظلوا على ذلك حتى جعل الله التوارث بين ذوي الأرحام، وقد أثنى الله -عز وجل- على المهاجرين والأنصار، فقال تعالى: {للفقراء والمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون . والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} _[الحشر: 8-9].

وجمعهم الله سبحانه في آية واحدة، فقال تعالى: {والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقًّا لهم مغفرة ورزق كريم} [الأنفال: 74] وفي هذا المجتمع الآمن المستقر، حيث يحب كل مسلم أخاه، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أمور دينهم فيدعوهم إلى كل خير، وينهاهم عن كل شر، وهم ينفذون ذلك راضين سعداء بهداية الله لهم، ووجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، وبدأ الناس يتوافدون إلى المدينة، معلنين إسلامهم وانضمامهم لهذه الدولة المنظمة.


اليهود في المدينة :

وكان يسكن مع المسلمين في المدينة اليهود وبعض المشركين الذين يحقدون على الإسلام، ويكرهون قيام دولته، لذلك وضع الرسول صلى الله عليه وسلم معاهدة تنظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم حتى يأمن مكر الكفار، وهذه بعض المبادئ التي احتوتها المعاهدة:

1- المهاجرون والأنصار أمة من دون الناس يتعاونون فيما بينهم، وهم يد واحدة على من عاداهم .

2- دماؤهم محفوظة ، فلا يقتل مؤمن مؤمنا ، ولا ينصر مؤمن كافرا على أخيه المؤمن .

3- لليهود حريتهم الدينية فلا يجبرون على الإسلام .

4- اليهود الذين يسكنون المدينة يشاركون في الدفاع عنها ، ولا يعينون أعداء الإسلام ، ولا ينصرونهم .

5- كل ظالم أو آثم أو متهاون خائن لا ينفذ ما في هذا العهد عليه اللعنة و الغضب ، ويقوم الآخرون بحربه .

6- إذا حدث خلاف في أي أمر، فإن الحكم هو كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

وهكذا وضح الرسول صلى الله عليه وسلم حقوق كل طائفة في المدينة و واجباتها ، و رسم المنهج الذي يتعاملون به بكل أمانة و عدل ، فلم يظلم اليهود بل حفظ لهم حقوقهم ، و رغم ذلك أظهر اليهود و جههم القبيح ، و كراهيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم رغم علمهم أنه صادق ، و اتضح ذلك في موقفهم من عبدالله بن سلام عندما أسلم .

فقد كان عبد الله بن سلام من علماء اليهود ، ومن ساداتهم ، فلما أسلم كتم إسلامه ، و لم يخبر اليهود ، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسألهم عنه أولا ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : ( أي رجل فيكم ابن سلام ؟ ) قالوا : ذاك سيدنا و ابن سيدنا ، و أعلمنا و ابن أعلمنا ، فقال : ( أفرأيتم إن أسلم ؟) فقالوا : حاشا لله ، ما كان ليسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يابن سلام ، اخرج عليهم ) فخرج فقال لهم: (يا معشر يهود ، اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وأنه جاء بالحق ) فقالوا: كذبت. [البخاري].

و هكذا كانت عداوة اليهود للنبي صلى الله عليه و سلم و للمسلمين واضحة منذ أول يوم في المدينة رغم أنهم يعرفون أنه رسول الله حقا و صدقا ، وقد اشتدوا في تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إظهار حقدهم عليه عند تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، و ظهرت سفاهة عقولهم واضحة حين تشاوروا فيما بينهم ، و اتفقوا أن يؤمنوا بدين الله أول النهار ، و يكفروا في آخره حتى يسعى الناس إلى تقليدهم ، و السير على خطاهم ، و لكن الله فضحهم بكفرهم في كتابه الحكيم ، و أظهر حقدهم على المسلمين بعد تآلف قلوب أهل المدينة من الأوس و الخزرج ، و سعيهم إلى الوقيعة فيما بينهم ، و لكنهم لم يفلحوا في ذلك .


زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة :

و بعد ثمانية أشهر من الهجرة كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أنهى بناء المسجد ، و استقر المسلمون في المدينة، فأتم الرسول صلى الله عليه وسلم زواجه بالسيدة عائشة ودخل بها، وكان قد عقد عليها قبل الهجرة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بعد زواجه منها يقدرها ، و يفضلها ، فعن عمرو بن العاص قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة) قلت: ومن الرجال؟ قال: (أبوها) _[الترمذي].



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:43 pm

مرحلة الجهاد

لقد ترك المسلمون مكة كلها للكفار ، و هاجروا الى المدينة ، و لكن الصراع بينهما لم ينته ، بل زاد عما كان عليه في مكة ، و اتخذ شكلا جديدا ، بعد أن نزل الاذن من الله بقتال المشركين ، قال تعالى : {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير . الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} [الحج: 39-41].

و قد اصبح المسلمون في المدينة قوة كبيرة بانضمام الانصار إليهم ، فلماذا لا يستردون حقوقهم المسلوبة ؟ و خاصة أن المدينة تقع على الطريق بين مكة و الشام حيث تمر قوافل اهل مكة التجارية ، لذلك قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم ارسال سرايا من جيش المسلمين يزعجون قريشا و يستطلعون أخبارها ، و من هذه السرايا :

سرية سيف البحر :

في شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة خرج حمزة بن عبد المطلب و معه ثلاثون من المهاجرين لاعتراض قافلة لقريش قادمة من الشام يقودها أبو جهل في ثلاثمائة رجل ، و لكن رجلا اسمه مجدي بن عمرو صالَح بين الفريقين ، و لم يحدث قتال ، و عرف الكفار منذ ذلك الوقت أن المسلمين مستعدون لمواجهتهم .

سرية رابغ :

وفي شهر شوال من السنة نفسها خرج عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب و معه ستون رجلا من المهاجرين ، و اعترضوا قافلة بقيادة أبي سفيان ، وكان بينهما رمي بالنبال ، و لكن لم يقع قتال .

سرية الخرار :

كانت في شهر ذي القعدة من السنة الأولى ، و فيها خرج سعد بن أبي وقاص ومعه عشرون مسلما ، و لكنهم لم يعثروا على القافلة التي خرجوا من أجلها ، و هكذا تحول المسلمون من الضعف الى القوة ، و أصبحوا مصدرا لرعب الكفار .

غزوة الأبواء ( ودان ) :

وفي العام الثاني من الهجرة واصل الرسول صلى الله عليه وسلم إرسال السرايا لمعرفة اخبار أهل مكة ، و ليدرب المسلمين على مواجهة قريش ، و كان صلى الله عليه و سلم يشارك في بعض هذه الاعمال العسكرية ، و من الغزوات التي شارك فيها غزوة الابواء ( ودان ) ، وفيها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه مع سبعين من المهاجرين في شهر صفر لاعتراض قافلة لقريش ، لكنه لم يلتقِ بها فعقد معاهدة مع بني ضمرة امنهم على انفسهم ، و وعدوه ألا يحاربوه ولا يعينوا عليه أعداءه ، و أن يقفوا إلى جانبه إذا دعاهم لذلك ، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم لا يترك صغيرة أو كبيرة يؤمن بها دولته ، و يقوي علاقتها بجيرانها إلا فعلها.

غزوة بواط :

وفيها خرج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من السنة الثانية ، و معه مائتان من الصحابة ؛ لاعتراض قافلة لقريش يقودها أمية بن خلف لكنه لم يلحق بها .

غزوة بدر الأولى :

و سببها أن رجلا اسمه كرز بن جابر الفهري اعتدى هو و بعض المشركين على مراعي المدينة و مواشيها ، فطارده الرسول صلى الله عليه و سلم و بعض المسلمين و لكنه فر هاربا ، و قد وقعت هذه الغزوة قريبا من بئر بدر و لذلك سميت بدر الأولى .

غزوة العشيرة :

وقد حاول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه اعتراض قافلة لقريش ذاهبة من مكة إلى الشام ، و لكنه لم يدركها ، فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة مع بني مدلج حلفاء بني ضمرة .

سرية نخلة :

خرج فيها عبد الله بن جحش الأسدي مع ثمانية مهاجرين ، وأمرهم الرسول صلى الله عليه و سلم أن يعسكروا بين مكة و الطائف في مكان يسمى نخلة فمرت قافلة لقريش في آخر يوم من شهر الله الحرام رجب ، فهاجمها عبد الله و من معه ، فقتل من المشركين عمرو بن الحضرمي ، و أسروا عثمان بن عبدالله بن المغيرة ، و الحكم بن كيسان ، وفر نوفل بن عبد الله . و عادت السرية إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأنكر عليهم القتال في شهر الله الحرام ، و اشتد غضب المشركين ، و قالوا : إن محمدا قد أحل القتال في الأشهر الحرم ، فاشتد ذلك على المسلمين ؛ فأنزل الله - عز و جل - قوله : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير و صد عن سبيل الله و كفر به و المسجد الحرام و إخراج أهله منه أكبر عند الله و الفتنة أكبر من القتل} [_البقرة: 217]. فهؤلاء المشركون الذين ينكرون على المسلمين القتال في الأشهر الحرم ، قد فعلوا أكبر من ذلك ، حين أشركوا بالله ، و أخرجوا المؤمنين من ديارهم ، و حرموهم من أموالهم و أولادهم و هذا أكبر عند الله - عز و جل - في الاثم و العقوبة .



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:44 pm

تحويل القبلة

كان المسلمون بعد هجرتهم إلى المدينة ، يتوجهون في صلاتهم نحو بيت المقدس في فلسطين ، و ظلوا على ذلك ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينظر الى السماء داعيا الله -تعالى - ان تكون قبلة المسلمين تجاه الكعبة ، فاستجاب الله دعاء نبيه ، و انزل القرآن الكريم آمرا المسلمين بالتوجه الى المسجد الحرام بمكة في صلاتهم ، قال تعالى : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام و حينما كنتم فولوا و جوهكم شطره } [ البقرة : 144 ] و كان بعض المسلمين قد ماتوا قبل تحويل القبلة ، فقال رجال من المسلمين : و ددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة ( أي : المسجد الحرام ) و كيف بصلاتنا نحو بيت المقدس ؟ فأنزل الله : { و ما كان الله ليضيع ايمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم } [_ البقرة : 143 ] .

وقد شن اليهود حربا من الجدل على المسلمين اثر تحويل القبلة ، إذ قالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا محمد ، ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها ، و أنت تزعم أنك على ملة إبراهيم و دينه ؟ ارجع الى قبلتك التي كنت عليها نتبعك و نصدقك ، فنزل قول الله تعالى : { سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق و المغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } [البقرة: 142].

و قال تعالى : { و لله المشرق و المغرب فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله إن الله واسع عليم } [_البقرة: 115].

وقال تعالى: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} [البقرة: 177].

فالله سبحانه رب الأمكنة و الأزمنة جميعا ، و لقد كانت عودة المسلمين إلى الكعبة رجوعا إلى الأصل الذي بناه أبو الأنبياء إبراهيم - عليه السلام - فتوجه المسلمون بعد ذلك إلى مكة كل يوم في صلاتهم خمس مرات ، و كان تحويل القبلة في العام الثاني من الهجرة ، و في ذلك العام فرض الله الصوم و الزكاة .



يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:48 pm

غزوة بدر الكبرى

علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة لقريش محملة بالبضائع بقيادة أبي سفيان قد خرجت من الشام في طريقها إلى مكة، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم اثنين من أصحابه لمراقبة عير قريش، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إليها، وجعل الخروج اختياريًّا، فخرج معه ثلاثمائة وأربعة عشر مسلمًا، ولم يكن معهم سوى سبعين جملا وفرسين، فكان كل ثلاثة من المسلمين يتناوبون الركوب على جمل.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمشي على رجليه، ويتناوب الركوب مع أبي لبابة، وعلي بن أبي طالب على جمل واحد، كل منهم يركبه فترة من الزمن فقالا له: نحن نمشي عنك، فقال صلى الله عليه وسلم في تواضع عظيم: (ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما) _[أحمد] وكان أبو سفيان رجلا ذكيًّا، فأخذ يتحسس الأخبار، ويسأل من يلقاه عن المسلمين خوفا على القافلة ، فقابل أحد الأعراب يسمى مجدي بن عمرو فسأله: هل أحسست أحدًا؟ فقال: إني رأيت راكبين وقفا عند البئر، فرأونا ثم انطلقا، فذهب أبو سفيان إلى مكانهما، وأمسك روثة من فضلات الإبل ففركها في يده، فوجد فيها نوى التمر، وكان أهل المدينة يعلفون إبلهم منه، فقال أبو سفيان: هذه والله علائف يثرب . وعلم أن الرجلين من المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إليهم ، فغير طريقه بسرعة وفر هاربا بقافلته ، وأرسل إلى قريش يستنجد بهم؛ ليحموه من المسلمين، ووصل رسول أبي سفيان إلى قريش، ووقف على بعيره، وأخذ ينادي ويصيح: يا معشر قريش! أموالكم مع أبي سفيان، قد عرض لها محمد وأصحابه، لا أرى أن تدركوها .. الغوث، الغوث .. وظل الرجل ينادي حتى تجمع الناس، وخرجوا بأسلحتهم وعدتهم ليحموا أموالهم. في الوقت نفسه كان أبو سفيان قد نجا بالقافلة، وأرسل إلى قريش يخبرهم بذلك، فرجع بعضهم، وكاد القوم يعودون كلهم؛ لأنهم ما خرجوا إلا لحماية قافلتهم، ولكن أبا جهل دفعه الكبر والطغيان إلى التصميم على الحرب، وعزم على أن يقيم هو والمشركون ثلاثة أيام عند بئر بدر، بعد أن يهزم المسلمين فيأكلون الذبائح، ويشربون الخمور، وتغني لهم الجواري حتى تعلم قبائل العرب قوة قريش، ويهابها الجميع، وهكذا أراد الله -تعالى- أن تنجو القافلة، وأن تقع الحرب بين المسلمين والمشركين.

وأصبح المسلمون في موقف حرج؛ لأن عددهم أقل من عدد المشركين، وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير كبار المهاجرين والأنصار في أمر القتال، فتكلم المهاجرون كلاما حسنا ، أيدوا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في قتال المشركين، وقال المقداد بن عمرو: (يا رسول الله، امض لما أمرك الله فنحن معك) ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ظل ينظر إلى القوم، وهو يقول: أشيروا علي أيها الناس.

ففهم سعد بن معاذ كبير الأنصار أن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد رأي الأنصار، فقد تكلم المهاجرون، وأيدوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وبقيت كلمة الأنصار، فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، لقد آمنا بك، وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. _[ابن إسحاق] فَسر النبي صلى الله عليه وسلم لاتفاق المسلمين على مواجهة الكفار.

وبدأ الفريقان يستعدان للمعركة، وأول شيء يفكر فيه القادة هو معرفة أخبار العدو، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه؛ عليًّا وسعدًا والزبير إلى ماء بدر؛ ليعرفوا أخبار الكفار، فوجدوا غلامين لقريش، فأخذوهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألهما عن عدد قريش، فقالا: لا ندري، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم: كم ينحرون كل يوم من الإبل. فقالا: يومًا تسعًا، ويومًا عشرًا. وكان معروفًا عند العرب أن البعير الواحد يكفي مائة رجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (القوم فيما بين التسعمائة والألف)
[ابن إسحاق].

وهكذا يضرب لنا الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا في القيادة الحكيمة ، و التفكير السليم لمعرفة أخبار العدو، ثم قال للغلامين: (فمن فيهم من أشراف قريش؟) فعدَّا له أشراف قريش، وسادتها، وكانوا على رأس جيش المشركين، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، فقال: (هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ أكبادها) وهكذا عرف الرسول صلى الله عليه وسلم عدد أعدائه، وأسماء كبارهم أيضًا، وعلى الجانب الآخر أرسل الكفار رجلاً منهم وهو عمير بن وهب ليعرف عدد المسلمين، ثم عاد فقال: ثلاثمائة رجل، يزيدون قليلا أو ينقصون.

وصل المسلمون إلى مكان بئر بدر، فأقاموا عليه، وجعلوه خلفهم حتى يتمكنوا من الشرب دون الكفار، وأشار سعد بن معاذ على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ عريشًا (مكانًا مظللا) يشرف من خلاله على المعركة، ويقوم بإدارتها، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا له بالخير، ونظم الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه تنظيمًا دقيقًا، فجعله كتيبتين؛ واحدة للمهاجرين عليها علي بن أبي طالب، والأخرى للأنصار ولواؤها مع سعد بن معاذ، وجعل ميمنة الجيش مع الزبير بن العوام، وجعل المقداد بن الأسود قائدًا لميسرة الجيش، وجعل على قيادة مؤخرة الجيش قيس بن صعصعة.
أما القيادة العامة للجيش فكانت في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوصاهم صلى الله عليه وسلم بالحكمة في استعمال النبال ضد أعدائهم، فلا يضربونهم حتى يكونوا في مرمى السهام وفي متناول أيديهم، ولا يستخدمون سيوفهم حتى يقتربوا منهم، وتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه ورفع يديه في خشوع وضراعة قائلاً: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك و وعدك) وظل يدعو حتى وقع رداؤه عن كتفه من كثرة الدعاء، فأشفق عليه أبو بكر، وقال له: أبشر يا رسول الله، فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك. _[متفق عليه].

وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة، ثم انتبه وقال: (أبشر يا أبا بكر! أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بزمام فرسه عليه أداة حرب) فقد أرسل الله ملائكته تأييدًا للمسلمين، فقال تعالى: {فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [_الأنفال: 9].

أحداث المعركة :

قبيل القتال وقف الرسول صلى الله عليه وسلم يعظ المسلمين ، ويذكرهم بالصبر والثبات والقتال في سبيل الله، ويبشرهم بجنة الله، وجاء الأسود بن عبد الأسد يهجم على حوض المسلمين، وقد أقسم أن يشرب منه، فتصدى له حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم فضربه ضربة شديدة على رجله واستمر الرجل يزحف ويعاند حتى يفي بقسمه، فأسرع حمزة بضربه ضربة ثانية، سقط بعدها قتيلا إلى جانب الحوض.

وبدأت المعركة صباح يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، العام الثاني للهجرة، وتقدم ثلاثة من كبار المشركين وهم: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد بن عتبة، فنهض لهم ثلاثة من الأنصار، لكن المشركين ردوهم، وأرادوا مبارزة المهاجرين، ثم نادى مناديهم قائلا: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي .. فوثبوا على أعدائهم كالأسود، وفي لمح البصر قتل حمزة شيبة بن ربيعة، وقتل علي الوليد بن عتبة، أما عبيدة فتبادل الضرب مع عتبة بن ربيعة، وجرح كل منهما الآخر، فوثب حمزة وعلي على عتبة، فقتلاه وحملا صاحبهما إلى المسلمين.

ويظهر تأييد الله -عز وجل- لأوليائه في شهود الملائكة للمعركة، قال تعالى: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام . إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان . ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب . ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار} [الأنفال:11-14].

رأى المشركون ثلاثة من كبارهم قد قتلوا، فغضبوا لأنهم أكثر من المسلمين، وظنوا أنهم يستطيعون هزيمتهم بسهولة، فدخلوا في معركة حامية مع المسلمين، ولكن الكفار كانوا يتساقطون الواحد بعد الآخر أمام المسلمين حتى قُتل منهم سبعون، وأُسر سبعون.
وفي هذه المعركة، التقى الآباء بالأبناء، والإخوة بالإخوة، ففصلت بينهم السيوف؛ فأبو بكر -رضي الله عنه- في صف الإيمان وابنه عبد الرحمن يقاتل في صفوف المشركين، وكذلك عتبة بن ربيعة الذي كان أول من قاتل المسلمين من الكفار، فكان ولده أبوحذيفة من خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سحبت جثة عتبة بعد المعركة لترمى في القليب، نظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أبي حذيفة فإذا هو كئيب قد تغير لونه!! فاستوضح منه سر حزنه، وهل هو حزين لمقتل أبيه أم لشيء في نفسه؟ فأخبره أبو حذيفة أنه ليس حزينا لمقتل أبيه في صفوف المشركين، ولكنه كان يتمني أن يرى أباه في صفوف المسلمين لما يتمتع به من حلم وفضل. [ابن إسحاق].

وحين مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقليب على قتلى قريش، ناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقال لهم: (أيسرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربُّنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟!) فقال عمر: يا رسول الله، ما تُكلمُ من أجساد لا أرواحَ لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم). _[البخاري].

وعاد المسلمون إلى المدينة، وقد نصرهم الله -تعالى- على عدوهم في أولى المعارك التي خاضوها، وهاهم أولاء يجرون معهم سبعين أسيرًا من المشركين بعد أن قتلوا سبعين مثلهم، وفي الطريق قَتَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنين من أكابر المجرمين الموجودين في الأسرى؛ وهما النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط لأنهما طغيا وأذيا المسلمين إيذاءً شديدًا، أما باقي الأسرى فتشاور الرسول
صلى الله عليه وسلم مع الصحابة في أمرهم هل يقتلونهم أم يقبلون الفدية ويطلقونهم؟ فأشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن يقتلوهم، وأشار أبو بكر -رضي الله عنه- أن يطلقوا سراحهم مقابل فدية (مبلغ من المال) تكون عونًا للمسلمين على قضاء حوائجهم، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر.

ولكن القرآن الكريم نزل يؤيد رأي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال الله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم . لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} [الأنفال: 67-68].

مواقف إيمانية من غزوة بدر :

كان للصحابة مواقف إيمانية رائعة أثناء غزوة بدر؛ فقد اختفى عمير بن أبي وقاص خلف المقاتلين المسلمين قبل المعركة حتى لا يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرده لأنه صغير، وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعرض جنوده رآه، فاستصغره وأمره أن يرجع، ولكن عميرًا كان حريصًا على الاشتراك في المعركة؛ لأنه يحب الموت في سبيل الله، فبكى عمير، فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي تركه، فمات شهيدًا، وهو ابن ستة عشر عامًا.
وجاء فتيان من الأنصار يسألان عبد الرحمن بن عوف عن مكان أبي جهل، فقد علما أنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدلهما على مكانه وإذا بهما يسرعان إليه، ويضربانه بالسيف حتى قتلاه، وهذان البطلان هما معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء. _[متفق عليه] ومرَّ مصعب بن عمير بأخيه المشرك أبي عزيز بن عمير الذي وقع في أسر المسلمين، وأحد الأنصار يقيد يديه، فقال للأنصاري: شد يدك به، فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك، فقال أبو عزيز: أهذه وصاتك بأخيك؟ فقال مصعب :إنه -يقصد الأنصاري- أخي دونك.

وقد ضرب المسلمون أروع الأمثلة في التضحية والفداء، فعندما سمع عمير بن الحمام الأنصاري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض) قال: يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: نعم .. فقال: بخ .. بخ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما يحملك على قول بخ .. بخ؟) قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها) فأخرج تمرات، وأخذ يأكلها، ثم قال: لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فرمى ما كان معه من التمر، ثم قاتل المشركين حتى قتل. _[مسلم].

وقاتل عكاشة بن محصن يوم بدر بسيفه حتى انكسر في يده من شدة القتال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه عود حطب فقال: (قاتل بهذا يا عكاشة) فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه، فعاد سيفًا في يده طويل القامة، شديد المتن، أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين، وهكذا كتب الله تعالى للمسلمين النصر، فحق لهم أن يسعدوا ويستبشروا، وأوجب على المشركين الهزيمة، فحل بهم الخزي والعار.
وقد قويت دولة المسلمين بهذا النصر الذي حققوه بقوة الإيمان، ثم بحسن التخطيط رغم أنهم كانوا أقل من عدوهم في العدد والعدة، قال تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون} _[آل عمران: 123].

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:50 pm

حالة قريش بعد بدر :

امتلأت مكة بالغيظ والحزن، فقد هزمهم المسلمون، وقتلوا أشرافهم، ولم تكن قريش تتوقع أن تنال مثل هذه الهزيمة من المسلمين، فهذا أبو لهب -ولم يشهد بدرًا- يرى أبا سفيان بن الحارث قادمًا فيسرع إليه ويقول له -وهو يريد أن يفهم كيف هزم المسلمون قومه وهم أكثر منهم-: يابن أخي! أخبرني كيف كان أمر الناس؟

فقال أبو سفيان: والله ما هو إلا أن لقينا القوم، فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا، وايم الله (يمين الله) مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجالا بيضًا، على خيل بلق (لونها بياض وسواد) بين السماء والأرض، فقال رافع مولى العباس بن عبد المطلب -وكان مسلمًا يكتم إسلامه-: تلك والله
الملائكة، فإذا بالغيظ يملأ وجه أبي لهب، فرفع يده وضرب أبا رافع على وجهه ثم حمله وضرب به الأرض، ثم برك عليه يضربه، فقامت أم الفضل -زوجة
العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم- إلى عمود من عمد الحجرة، فأخذته فضربت به أبا لهب ضربة أصابته في رأسه، وقالت: استضعفتَه أن غاب عنه سيده، فقام أبو لهب موليًا ذليلا، وما عاش بعد ذلك إلا سبع ليال حتى أصابه الله بمرض خطير فقتله.

مؤامرة عند الكعبة:

وعند أحد أركان الكعبة، كان يجلس اثنان من كبار المشركين هما: صفوان بن أمية، وعمير بن وهب يتذكران قتلاهما في بدر، وأسراهما في المدينة، فاتفقا أن يذهب عمير بن وهب إلى المدينة متظاهرًا بفداء ابنه الأسير وهب، ثم يضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيف فيقتله ويثأر للكفار منه، ووعده صفوان بن أمية برعاية أبنائه وزوجته من بعده إذا أصابه مكروه.

وعندما وصل المدينة رآه عمر متوشحًا سيفه فقال: هذا عدو الله عمير بن وهب والله ما جاء إلا لشر، ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه، قال: فأدخله عليَّ، فأقبل عمر فأمسكه وقيده وأمسك سيفه، وقال لرجال من الأنصار: ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ سيفه في عنقه قال: (أرسله يا عمر، ادن يا عمير).

فدنا ثم قال: انعموا صباحًا -وهي تحية أهل الجاهلية- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، تحية أهل الجنة)..
فقال: أما والله يا محمد أن كنت بها لحديث عهد. قال: (فما جاء بك يا عمير؟)
قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا فيه.
فقال صلى الله عليه وسلم: (فما بال السيف في عنقك؟)
قال عمير: قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئًا؟
قال صلى الله عليه وسلم: (اصدقني، ما الذي جئتَ له؟)
قال: ما جئتُ إلا لذلك.

قال صلى الله عليه وسلم: (بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش (قتلاهم في بدر) ثم قلت: لولا دَيْن علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك).
قال عمير: أشهد أنك رسول الله، وقد كنا نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق، وشهد عمير شهادة الحق ودخل في دين الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه شيئاً من القرآن، وأطلقوا له أسيره). ففعلوا.

ثم قال عمير: يا رسول الله، إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام، لعل الله يهديهم وإلا آذيتهم في دينهم، كما كنت أوذي أصحابك في دينهم. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى مكة، وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير بن وهب يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل الركبان عن عمير، حتى قدم رجل فأخبره بإسلامه، فحلف ألا يكلمه أبدًا، ولما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام، ويؤذي من خالفه أذى شديدًا، فأسلم على يديه كثيرون. _[ابن إسحاق].

غزوة بني سليم (غزوة الكُدْر):

حشد بنو سليم جنودهم، واستعدوا لغزو المدينة وحرب المسلمين بعدما رأوا هزيمة قريش في بدر، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فلم ينتظر حتى يأتوا المدينة بل قام بمهاجمتهم هجومًا مفاجئًا أدخل الرعب في قلوبهم فهربوا من هول المفاجأة، وتركوا خمسمائة بعير استولى عليها المسلمون، وأقاموا في ديار هذه القبائل ثلاثة أيام، ولم يكتفِ الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، ولكن بعد ما قدم المدينة أرسل غالب بن عبد الله في سرية إلى بني سليم وغطفان فقاتلوهم، وانتصر المسلمون وغنموا مغانم كثيرة.




يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:50 pm

اليهود ونقض العهد

لم يحترم اليهود عهودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فحاولوا إشعال الفتنة بين صفوف المسلمين، فهذا شاس بن قيس اليهودي أرسل فتى من فتيان اليهود يُذَكِّرُ الأنصار بما كان بينهم في الجاهلية، ففعل الفتى حتى كادوا أن يتقاتلوا، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ونهاهم عن العودة إلى الجاهلية، وذكرهم بالإسلام والحب الذي ربط الله به قلوبهم، فعادوا إلى رشدهم وصوابهم.

ولما نصر الله رسولَه والمسلمين على المشركين في غزوة بدر حسدتهم اليهود على ما أنعم الله تعالى به عليهم، فقال فنحاص اليهودي: لا يغرن محمدًا أن غلب قريشًا وقتلهم، إن قريشًا لا تحسن القتال، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله جمع اليهود في سوق بني قينقاع وحذرهم من الغدر ودعاهم إلى الإسلام، وذكرهم بما عندهم من العلم برسالته ونبوته فقال لهم: (احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم) فقالوا: يا محمد إنك ترى أنا كقومك؟ لا يغرنك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب فأصبت فرصة، أما والله لئن حاربتنا لتعلمن أنا نحن الناس.

فأنزل الله -سبحانه- على نبيه من القرآن ما يجيبهم به ويرد عليهم ما قالوا وما بغوا، فقال تعالى: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد . قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} [آل عمران: 12-13].

إن كلام اليهود هذا تهديد واضح للرسول صلى الله عليه وسلم بالحرب، وتأكيد لنقضهم للمعاهدة التي بينهم وبينه، ومع ذلك فقد صبر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم أصروا على نقضهم للعهد.


طرد يهود بني قينقاع من المدينة :

ذات يوم ذهبت امرأة مسلمة إلى سوق بني قينقاع لبيع ذهب معها، فاحتال عليها اليهود لتكشف وجهها فأبت، فأخذ الصائغ طرف ثوبها، وربطه إلى ظهرها -وهي لا تعلم- فلما قامت انكشفت عورتها، وأخذوا يضحكون منها، فصاحت المرأة تستغيث بعد أن طعنت في كرامتها، فوثب رجل مسلم على اليهودي الذي أهان المرأة فقتله، فقام اليهود بقتل ذلك المسلم، فكان شهيدًا في سبيل الله، فقامت الحرب بين المسلمين واليهود بسبب غدرهم ووقاحتهم وسوء أدبهم. _[الواقدي].

فلما علم بنو قينقاع بقدوم المسلمين فروا إلى حصونهم واختبئوا فيها؛ فحاصرهم المسلمون وحبسوهم في حصونهم، واستمر هذا الحصار خمسة عشر يومًا، بعدها اضطر اليهود إلى أن يفتحوا الحصون ويستسلموا رعبًا وخوفًا من المسلمين، فجاء عبد الله بن أُبي بن سلول، وقال: (يا محمد أحسن في موالي (حلفائي) وظل
ابن سلول يتشفع لهم عند الرسول حتى اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بطردهم من المدينة، فخرجوا تاركين وراءهم أموالهم غنيمة للمسلمين، وذهبوا إلى بلدة تسمي أذرعات في الشام، وهناك سلط الله عليهم وباء مات فيه أغلبهم.


قتل كعب بن الأشرف اليهودي :

بقيت في المدينة طائفتان كبيرتان من اليهود: بنو النضير، وبنو قريظة، وما زالوا يعادون المسلمين رغم العهد الذي قطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، فهذا رجل من أغنيائهم اسمه كعب بن الأشرف، لم يكتفِ بالحزن على قتلى الكفار في بدر، بل ذهب إلى مكة وعزاهم، وأخذ يرثي قتلاهم بشعره ويشعل نار الثأر في قلوبهم كي يحاربوا المسلمين، ولم يكتف بهذا، فقد تطاول بإيذاء المسلمين مباشرة فأخذ يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم و الصحابة -رضي الله عنهم- ويقع في أعراضهم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لكعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى الله ورسوله؟) فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: (نعم) قال: فأذن لي أن أقول شيئًا (أي يعيب الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين حتى يطمئن إليه كعب) قال صلى الله عليه وسلم: (قل) فذهب محمد بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف اليهودي، فقال له: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة (أي مالا) وإنه قد عنانا (أتعبنا) وإني قد أتيتك أستسلفك (أي أطلب منك مالا) قال كعب: وأيضا والله لتملنه (يصيبكم الملل من صحبة محمد) قال محمد بن مسلمة: إنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه (نتركه) ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين (الوسق: كيل معلوم) فقال: نعم ارهنوني. قالوا: أي شيء تريد؟ قال: ارهنوني نساءكم، قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب، قال: فارهنوني أبناءكم؟ قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين؟ هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللأمة (السلاح) فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة - وهو أخو كعب من الرضاعة - فدعاهم إلى الحصن ، فنزل إليهم فقالت له امرأته : أين المخرج هذه الساعة ؟ قال: إنما هو محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة، فنزل إليهم وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال أبو نائلة: ما أريت كاليوم ريحا أطيب، أتأذن لي أن أشم رأسك ؟ قال: نعم، فلما استمكن منه قال: دونكم فاقتلوه، فقتلوه، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه. [الترمذي].






يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:52 pm

غزوة السويق

بينما كفار مكة يعيشون في حزن وغم لما أصابهم في غزوة بدر التي لم تترك لهم كرامة ولا كبرياء بين قبائل العرب، قام أبو سفيان من بينهم وأقسم أن يغزو المدينة، وخرج أبو سفيان ومعه مائتان من الفرسان، فدخلوا المدينة في الليل كاللصوص، وذهب أبو سفيان إلى سلام بن مشكم سيد يهود بني النضير، فاستقبله أحسن استقبال، وعرفه أخبار المسلمين، فقام أبو سفيان ومن معه بحرق عدد من نخيل الأنصار، وقتلوا رجلين من الأنصار في أرضهما، وفروا هاربين.
وعندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمرهم أسرع لمطاردتهم، ولكنهم فروا، وأخذوا يرمون ما معهم من طعام لتخف أحمالهم، حتى ينجوا من أيدي المسلمين، وسميت هذه الغزوة بـ (غزوة السَّويق) نسبة لما كان يلقيه المشركون من الطعام.

سرية زيد بن حارثة :
في شهر جمادى الآخرة من العام الثالث من الهجرة ، كان أهل مكة في حيرة شديدة فهم يريدون إرسال القافلة التجارية إلى الشام ، ولكن كيف والمسلمون يقفون في الطريق بحذاء البحر الأحمر وها هي ذي القبائل المحيطة بالمدينة قد سالمت الرسول صلى الله عليه وسلم ولن تدع قريشا تمر بسلام، فما العمل؟
اقترح الأسود بن عبد المطلب أن تسير القافلة في صحراء نجد بوسط الحجاز ومنها إلى العراق ثم الشام، فهو طريق طويل بعيد جدًّا عن المسلمين، ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم نبأ تلك القافلة أمر زيد بن حارثة بالخروج في مائة راكب من المسلمين لمهاجمتهم، فخرجوا وفاجئوا المشركين واستولوا على القافلة كاملة، وأصبح الكفار بين أمرين لا ثالث لهما: إما مهادنة المسلمين حتى لا يقطعوا طرق تجارتهم إلى الشام، وإما الدخول في حرب شاملة ضد المسلمين، للقضاء عليهم واختار المشركون الأمر الثاني وهو الحرب الشاملة..




يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:53 pm

غزوة أحد

خرج مشركو قريش من غزوة بدر وقد وهنت قواهم؛ حيث فرَّق المسلمون شملهم، وقتلوا أشرافهم، وأضعفوا شوكتهم بين قبائل الجزيرة العربية، فكان لابد لهم من الثأر، ورد الهزيمة على المسلمين، وكسر شوكتهم، فجمع أبو سفيان ثلاثة آلاف مقاتل من قريش وكنانة والأحابيش (حلفاء قريش) وخرجت معهم النساء ليشجعن الرجال على القتال، ومن بينهن هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، وكان قلبها يشتعل بنار الألم لمقتل أبيها وأخيها في غزوة بدر، ونظَّم الكفار جيشهم فجعلوا قيادة الجيش لأبي سفيان، وقيادة الفرسان لخالد بن الوليد، ومعه عكرمة بن أبي جهل.

وتوجه الجيش إلى المدينة، وعلم المسلمون بتحرك المشركين وقدومهم إليهم فحملوا أسلحتهم، والتفوا حول نبيهم، وظلوا حارسين لمدينتهم ليل نهار، وإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم يجمع أصحابه، ويستشيرهم في الأمر، فرأى بعضهم ألا يخرج المسلمون من المدينة، وأن يتحصنوا فيها، فإذا دخلها المشركون قاتلهم المسلمون في الطرقات وحصدوهم حصدًا، فهم أعلم بمسالك مدينتهم ورأى البعض الآخر -وخاصة الذين لم يشهدوا القتال يوم بدر- أن يخرجوا لملاقاة المشركين خارج المدينة.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من أصحاب الرأي الأول، ومع ذلك وافق على الرأي الثاني؛ لأن أصحاب هذا الرأي ألحوا عليه، ولم يكن الوحي قد نزل بأمر محدد في هذا الشأن، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم بيته ولبس ملابس الحرب، وخرج إلى الناس، وشعر الصحابة الذين أشاروا على الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج بأنهم أكرهوه على ذلك، فقالوا له: استكرهناك يا رسول الله، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد (أي: إن شئت عدم الخروج فلا تخرج) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته (أي درعه) أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه) _[أحمد].

وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في ألف من أصحابه، في شوال سنة ثلاث من الهجرة، حتى إذا كانوا بين المدينة وأُحُد، رجع عبد الله بن أُبي بن سلول بثلث الجيش، وتبعهم عبد الله بن حرام يناشدهم الله أن يرجعوا، ولا يخذلوا نبيهم، وينصحهم بالثبات، ويذكرهم بواجب الدفاع عن المدينة ضد المغيرين، ولكن الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر لم يكن ثابتًا في قلوبهم، ولذلك لم يستجيبوا له، وقال ابن سلول: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، فنزل فيهم قوله تعالى: {وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ للإيمان} [آل عمران: 167].

واختلف المسلمون في أمر هؤلاء المنافقين، ففرقة منهم تقول نقاتلهم، وأخرى تقول دعوهم، فنزل قوله تعالى: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله} [النساء: 88] وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطى اللواء مصعب بن عمير، واستعرض النبي صلى الله عليه وسلم الجيش يومئذ، فرد الصغار الذين لا يقدرون على القتال، وكان منهم يومئذ: عبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم وعمرو بن حزم.

وهذا رافع بن خديج عمره خمس عشرة سنة يريد أن يشارك في المعركة، فيلبس خفين في قدميه ليبدو طويلا، فلا يرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوسط له عمه ظهير، فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجيد الرماية، فقبله وعندئذ قال سمرة بن جندب: أجاز الرسول صلى الله عليه وسلم رافعًا وردني وأنا أقوى، وأصرع رافعًا وأغلبه، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصارعه، فغلب سمرة رافعًا، فقبله الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان الفتى المسلم الصغير يحرص على التضحية بروحه من أجل دينه والدفاع عنه.

واقترح بعض الصحابة الاستعانة باليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك) _[ابن سعد] وعسكر المسلمون في شِعْبٍ في جبل أُحُد، وجعلوا الجبل خلف ظهورهم، واختار الرسول صلى الله عليه وسلم خمسين رجلا يحسنون الرماية، وجعل عبد الله بن جبير قائدًا عليهم وقال لهم: (لا تبرحوا (لا تتركوا) مكانكم؛ إن رأيتمونا ظهرنا عليهم (انتصرنا) فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا) _[البخاري].

وهكذا أغلق الباب أمام التفاف الأعداء حول جيشه، وحمى يمينه بالجبال، وفي صباح يوم السبت السابع من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة، بدأت المعركة وانقض المسلمون على المشركين، فقتلوا حملة لواء المشركين، فكانوا يسقطون واحدًا بعد الآخر حتى سقط اللواء ولم يجد من يحمله، وكان الفارس الشجاع حمزة بن عبد المطلب -عم النبي صلى الله عليه وسلم- ينقض بسيفه على المشركين، فيطيح بهم، وكان وحشي بن حرب ينظر إلى حمزة من بعيد ويتبعه حيث كان، ذلك لأن سيده جبير بن مطعم بن عدي الذي قتل عمه
طعيمة بن عدي يوم بدر قال له: اخرج مع الناس، فإن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمِّي، فأنت عتيق (حر).

وكان وحشي عبدًا حبشيًّا يقذف بالحربة بمهارة شديدة، فقلما يخطئ بها شيئًا، فاقترب وحشي من حمزة، ورماه بالحربة فأصابته، لكن حمزة لم يستسلم، بل توجه إلى وحشي ودمه ينزف بغزارة، فلم يستطع الوقوف على قدميه، فوقع شهيدًا في سبيل الله، وسيطر المسلمون على المعركة، وأكثروا القتل والأسر في جنود المشركين، وحاول المشركون الفرار، فذهب المسلمون وراءهم، فكان المشركون يتركون متاعهم وسلاحهم لينجوا من القتل.

وكان الرماة على الجبل يشاهدون المعركة، فظنوا أنها قد انتهت بانتصار المسلمين؛ فتركوا أماكنهم، ونزلوا من فوق الجبل ليشاركوا في جمع الغنائم فتركوا ظهر المسلمين مكشوفًا لعدوهم، فانتهز خالد بن الوليد قائد فرسان المشركين فرصة الخطأ الذي وقع فيه رماة المسلمين، فاستدار وجاء من خلف الجيش، وقتل من بقى من الرماة ،فاختل نظام المسلمين وارتبكوا، ونجح المشركون في قتل كثيرين منهم.

كل هذا البلاء لأن بعض الرماة خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبدَّل الحال، وركز المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ولكنه صلى الله عليه وسلم ثبت لهم، وأخذ يدافع عن نفسه، وحوله بعض الصحابة مثل: طلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما-.

وكانت المرأة الأنصارية الشجاعة نسيبة بنت كعب تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم كالرجال، حتى نجي الله رسوله صلى الله عليه وسلم من الموت، ولكنه تعرض لإصابات كثيرة في ركبته، ووجهه، وأسنانه، وسال الدم على وجهه الشريف، فأخذ يمسح الدم وهو يقول: (كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم (غَيَّروا لونه للاحمرار من كثرة الدم) وهو يدعوهم إلى ربهم) _[أحمد].

وعندما فشل المشركون في قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أشاعوا أن محمدًا قتل، لكي يؤثروا في عزيمة المسلمين، ويثيروا الذعر بينهم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أصحابه: (هلم إلى عباد الله) فاجتمع حوله عدد من أصحابه، وارتفعت روحهم المعنوية، وظل النبي صلى الله عليه وسلم ومن ثبت معه في أرض المعركة، بل قاتلوا حتى اللحظة الأخيرة، إلى أن اكتفت قريش بما حققت وانصرفوا بعد انتهاء المعركة.

ولما انقضت الحرب، صعد أبو سفيان على مكان مرتفع، ونادى في المسلمين: أفيكم محمد؟ فلم يرد عليه أحد، فقال: أفيكم أبو بكر؟ فلم يرد عليه أحد، فقال: أفيكم عمر بن الخطاب؟ فلم يرد عليه أحد، فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فلم يتمالك عمر نفسه، فرد عليه قائلا: يا عدو الله، إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقي الله لك ما يسوءك، ثم قال أبو سفيان أُعل هُبَل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تجيبونه؟) قالوا: ما نقول؟ قال صلى الله عيه وسلم: (قولوا الله أعلى وأجل) ثم قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال صلى الله عليه وسلم: (ألا تجيبونه؟) فقالوا: ما نقول؟ قال صلى الله عليه وسلم: (قولوا الله مولانا ولا مولى لكم) _[البخاري].

وعاد المشركون إلى بلدهم، وقد انتشرت في ساحة القتال جثث شهداء المسلمين وقتلى الكفار، وقد ارتوت الرمال بدماء الشهداء الطاهرة التي أريقت من أجل الإسلام، فياله من مشهد حزين!! سبعون شهيدًا من المسلمين، واثنان وعشرون قتيلا من المشركين، وحزن المسلمون حزنًا شديدًا على شهدائهم، ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حزينًا ينظر إلى جثة عمه حمزة -رضي الله عنه- وقد مثل به الأعداء، فأقسم لَيُمَثِّلَنَّ بسبعين من الكفار إن نصره الله عليهم بعد
ذلك، فنزل قول الله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} [النحل:126].


صور بطولية من المعركة :

تجلت صور رائعة من البطولة والشجاعة والإيمان لرجال ونساء المسلمين في غزوة أحد، وكذلك حدثت بعض المعجزات، لتكون عظة وذكرى وتبصرة للمؤمنين، فهذا أبي بن خلف يقبل على النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد حلف أن يقتله، وأيقن أن الفرصة قد حانت، فجاء يقول: يا كذاب، أين تفر؟ وحمل على الرسول صلى الله عليه وسلم بسيفه، فقال صلى الله عليه وسلم: (بل أنا قاتله إن شاء الله) وطعنه صلى الله عليه وسلم طعنة وقع منها، فما لبث أن مات. [البيهقي].

ويمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفه قبل بدء المعركة ويقول: (من يأخذ هذا السيف بحقه؟) فتأخر القوم، فقال أبو دجانة: وما حقه يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (أن تضرب به في العدو حتى ينحني) فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأعطاه إياه. [مسلم] وكان أبو دجانة رجلا شجاعًا يختال عند الحرب، وكانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها فإنه يقاتل حتى الموت، فأخذ أبو دجانة السيف وهو يقول:
أنـا الذي عَاهَـدني خَليلـي ونَحـنُ بالسَّفـْحِ لـَدي النَّخيــل
ألا أقُـوم الدَّهـرَ في الكُيـول أضْـربُ بسيــف اللـهِ والرسولِ
والكيول هي مؤخرة الصفوف، فكأنه يقول: لن أكون أبدًا إلا في المقدمة ما دمت أحمل هذا السيف.

وأخذ (أبو دجانة) يضرب المشركين بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأثناء المعركة رأي أبو دجانة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أصبح هدفًا لنبال المشركين بعد أن فرَّ المسلمون، فأسرع أبو دجانة واحتضن الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار النبل يقع على ظهر أبي دجانة وهو منحن على جسم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى انتهت المعركة. [أحمد].

ومرَّ (أنس بن النضر) -رضي الله عنه- على بعض الصحابة فوجدهم لا يقاتلون، وعندما سألهم عن سبب امتناعهم عن القتال، قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أنس: ما تصنعون بالحياة بعده؟! قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم توجه إلى الله تعالى وقال: (اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (المسلمون الفارون) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء أي (المشركون المعتدون) وظل أنس يقاتل حتى قتل، فوجدوا في جسده بضعًا وثمانين جرحًا ما بين طعنة برمح أو ضربة بسيف أو رمية بسهم، فما عرفه أحد إلا أخته بعلامة كانت تعرفها في إصبعه.

وهذا غسيل الملائكة (حنظلة بن أبي عامر) الذي تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، وفي اليوم التالي لزواجه يسمع نداء القتال، فيخرج وهو جنب ملبيًا النداء، ويقاتل في سبيل الله حتى يُقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن صاحبكم تغسله الملائكة). _[ابن إسحاق].

وهذا (قتادة بن النعمان) أصيبت عينه، ووقعت على خده، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عينه بيده، وردها إلى موضعها، وقال: (اللهم أكسبه جمالاً) فكانت أحسن عينيه، وأحدَّهما نظرًا وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى. _[الدارقطني والبيهقي].

وليست النساء أقل بطولة من الرجال، فهذه (صفية بنت عبد المطلب) لما رأت المسلمين قد انهزموا، وفر بعضهم من ميدان المعركة، أمسكت رمحًا تضرب به من فر من المسلمين، وتحثه على العودة إلى القتال، ولما علمت بمقتل أخيها حمزة ذهبت لتنظر إليه، فلقيها الزبير: فقال: أي أمه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي، قالت: ولِمَ؟ وقد بلغني أنه قد مُثِّل بأخي، وذلك في الله، لأصبرن، وأحتسبن إن شاء الله.

فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبره بذلك، قال: (خلوا سبيلها) فنظرت إليه، فصلت عليه، واسترجعت واستغفرت له. [ابن إسحاق] ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها، وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ذكروا لها ما حدث لأخيها ولأبيها ولزوجها قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرًا، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشاروا إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل (صغيرة)!!

وهكذا يسمو حب المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم فوق كل حب، إنه حب يعلو فوق حب الآباء والأبناء والأزواج.




يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:55 pm

غزوة حمراء الأسد

وفي اليوم التالي لغزوة أحد، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالخروج لقتال الكفار وتتبعهم، وقال: (لا يخرج معنا إلا من شهد القتال) فأسرع المسلمون، وأطاعوا رسولهم صلى الله عليه وسلم، رغم ما بهم من آلام وجراح وخرجوا للقتال استجابة لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم، فلقد تعلموا أن الخير كله في طاعته، فمدحهم الله بهذه الطاعة فقال تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم}
[آل عمران: 172].

وفي حمراء الأسد على مسافة عدة أميال من المدينة وقف المسلمون ينتظرون جيش المشركين فمر بهم رجل من قبيلة خزاعة التي كانت تحب الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى معبد بن أبي معبد، وكان يومئذ مشركا ، فواسى الرسول صلى الله عليه وسلم فيما حدث للمسلمين ، و كان المشركون قد نزلوا في مكان يسمى الروحاء ، و بعد أن استراح الجيش بدءوا يفكرون في العودة إلى المدينة.

وأرسل أبو سفيان رسالة يهدد فيها المسلمين في حمراء الأسد ليرعبهم، يزعم فيها أنه قادم للقضاء عليهم، فما زاد ذلك المسلمين إلا قوة وإيمانًا، فقال عنهم الله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم} [آل عمران: 173-174].

ووصلت الأخبار إلى أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة لمطاردة المشركين، وتأكدت الأخبار عندما وصل معبد وأكد لأبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لمطاردتهم وقد نزل بجيشه في حمراء الأسد فخاف أبو سفيان وفضل الانسحاب إلى مكة، وأقام المسلمون في حمراء الأسد ثلاثة أيام ينتظرون قريشًا، ثم عادوا إلى المدينة بعدما أطاعوا نبيهم، وأرعبوا عدوهم واستعادوا الثقة بأنفسهم.




يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:56 pm

بعث الرجيع

جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أناس من المشركين من قبيلتي عضل والقارة وطلبوا منه أن يرسل معهم من يعلمهم الدين ويقرئهم القرآن، فاستجاب لهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسل معهم عشرة من أصحابه بقيادة عاصم بن ثابت -رضي الله عنه- لعل الله أن يهديهم، وعندما اقترب عاصم وأصحابه من قبيلة هذيل، هجم عليهم هؤلاء المشركون المخادعون، فاستشهد سبعة من المسلمين، ووقع ثلاثة في الأسر، وهم: خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق -رضي الله عنهم- وأخذهم نفر من قبيلة هذيل، ليبيعوهم في مكة، فأفلت عبد الله بن طارق من قيوده، فلحق به الكفار وقتلوه، وباعوا زيدًا لصفوان بن أمية ليقتله ثأرًا لأبيه أمية بن خلف، واجتمع كفار مكة ليشهدوا قتل زيد، فاقترب أبو سفيان منه، وقال له: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فأجابه زيد قائلاً: والله ما أحب أن محمدًا صلى الله عليه وسلم الآن في مكانه الذي هو فيه، تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيتُ من الناس أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمدٍ محمدًا، ثم قُتل زيد. أما خبيب فقد اشتراه عقبة بن الحارث ليقتله؛ لأنه قتل أباه الحارث بن عامر يوم بدر، وخرج به المشركون في مكان واسع، وصنعوا له صليبًا من خشب ليصلبوه عليه، فقال لهم خبيب: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا وبعد أن صلى آخر ركعتين في حياته قال لهم: أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعًا من القتل لاستكثرت من الصلاة، فكان خبيب أول من سن ركعتين عند القتل، وعندما ربطوه في الخشبة توجه إلى الله تعالى، وقال: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا.

وأما عاصم بن ثابت، فقد رفض أن يستسلم للمشركين، وقاتلهم حتى قتل فأرادوا أن يأخذوا رأسه ليبيعوها لسلافة بنت سعد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن فيها الخمر، لكن النحل تجمع حول جسد عاصم فلم يقدروا على قطع رأسه، فقالوا: دعوه حتى يمسي فيذهب عنه الدبر (النحل) فنأخذه، فبعث الله سيلا في الوادي، فاحتمل عاصمًا، فذهب به، وكان عاصم قد أعطى الله عهدًا ألا يمسه مشرك ولا يمس مشركًا أبدًا، فحفظه الله بعد موته، ولم يسمح للمشركين بمسه.





يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر
عضو متألق
عضو متألق
قمر


انثى
عدد الرسائل : 288
العمر : 38
دعاء : موسوعة السيرة النبوية KJt67020
اعلام بلدك : موسوعة السيرة النبوية Female31
الهوايه : موسوعة السيرة النبوية Travel10
الوظيفه : موسوعة السيرة النبوية Profes10
نقاط : 168
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 28/02/2008

موسوعة السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة السيرة النبوية   موسوعة السيرة النبوية Emptyالإثنين أكتوبر 06, 2008 10:57 pm

يوم بئر معونة

رغم ما حدث للعشرة الذين قتلوا في بعث الرجيع ، ما زال المسلمون يقدمون أرواحهم في سبيل نشر الدين، فقد باعوا أنفسهم لله تعالى، واشتروا بها
الجنة، فقد قدم عامر بن مالك على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فعرض عليه الإسلام، فلم يسلم ولم يرفض، وقال للرسول صلى الله عليه وسلم: لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك، فقال صلى الله عليه وسلم: إني أخشى عليهم أهل نجد، فقال عامر: أنا لهم جار (أي: سوف أحميهم).

فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين رجلا من صحابته ليدعوا قبائل نجد إلى الإسلام، فسار الصحابة في الصحراء، وكانوا يجمعون الحطب نهارا ويبيعونه حتى يكسبوا معاشهم ، و ينامون بعض الليل ، ثم يستيقظون لعبادة الله بقية ليلهم، وظلوا هكذا حتى وصلوا إلى بئر معونة، وهناك أرسلوا أحدهم، ويدعى حرام بن ملحان -رضي الله عنه- برسالة من الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو فيها عامر بن الطفيل إلى الإسلام.

ولكن هذا المشرك طعن حرام بن ملحان بكل غدر وحمق وجهالة، فصاح ذلك الصحابي -والدم يسيل من جسده الطاهر- قائلا: فزت ورب الكعبة ، ولم يكتف عامر بن الطفيل بما فعله، وإنما جمع أعوانه من الكفار، وأحاطوا بالمسلمين وهم في رحالهم، وقتلوهم جميعا إلا كعب بن زيد الذي عاش حتى قتل يوم الخندق شهيدًا، وكان في سرح الدعاة اثنان لم يشهدا الموقعة الغادرة، أحدهما عمرو بن أمية الضمري ولم يعرف النبأ إلا فيما بعد، ورجل من الأنصار، فأقبلا يدافعان عن إخوانهما، فقتل الأنصاري، وأسر عمرو بن أمية، ولكن عامر بن الطفيل أطلق سراحه، فرجع إلى المدينة.

وفي الطريق لقى رجلين ظنهما من بني عامر فقتلهما، ثم تبين لما وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما من بني كلاب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجارهما، فالتزم الرسول صلى الله عليه وسلم بدفع ديتهما، حزن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته حزنًا شديدًا على هؤلاء الصحابة، وظل الرسول صلى الله عليه وسلم شهرًا يقنت في صلاة الصبح ويدعو على قبائل سليم، مؤجلا الرد عليهم حتى يتخلص من أعداء المسلمين في المدينة؛ لأن خطرهم أشد، ألا وهم يهود بني النضير.





يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسوعة السيرة النبوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» اسطوانة( في ظلال السيرة النبوية ) محمد متولى الشعراوى
» موسوعة عالمية ويكيبيديا أكبر موسوعة حرّة في العالم على اسطوانة
» الكنوز المحمدية فى الاستغفارات النبوية
» الإعجاز فى السنة النبوية الشريفة
» موقع للأحاديث النبوية الشريفة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكه الغريب الاسلاميه :: القسم الاسلامى :: سيد الخلق عليه الصلاة والسلام-
انتقل الى: